الزلة الكبيرة التي وقع بها النائب المحترم سعدون حماد تتطلب أن يقف ليعتذر ويسحب كلامه على الأقل، فالكويت دفعت غالياً من مقدراتها وتركيبتها الاجتماعية ومستقبلها بسبب العبث في مجالات كثيرة فيها، وما تعانيه اليوم تقع مسؤولية كبيرة منه على عاتق العبث بملف التجنيس.

Ad

ملف الجنسية في الكويت ملف محزن وشائك، فكم من الجرائم ارتكبت بحق هذا البلد تحتويها أوراق ذلك الملف، وكم من الضحايا كانوا نتيجة للقرارات المحفوظة فيه، ولكن يبدو أن النائب سعدون حماد يتوقع أن يكون هناك ضحايا جدد له، ولكن هذه المرة جسدياً عن طريق تصفية النواب الذين يطالبون بمعالجة التجاوزات ومحاسبة المتجاوزين في ملف التجنيس.

النائب حماد طالب وزير الداخلية، ووفقاً لما نشر في الصحف لتغطية جلسة الثلاثاء الماضي، بـ«فرض حراسة مشددة على النواب الذين يطالبون بسحب جنسيات المتجنسين»، وقال «إن سحب الجنسيات بمنزلة إعدام لأسرهم بالكامل».

النائب المحترم الذي يمثل الأمة والدستور وتطبيق القانون، كما ينص القسم الذي باشر بموجبه مهمات عضويته، يعلن تهديداً ضمنياً لزملائه النواب بالقتل أو على أقل تقدير بالاعتداء عليهم، لأن من تُفرض عليه الحراسة المشددة هو من تعرّض حياته لتهديد جدي.

النائب المحترم قال تلك العبارات في قاعة عبدالله السالم دون أن يتحرك المجلس أو أحد أعضائه من السلطتين، ولو كان حماد عضواً في أي برلمان آخر لتم إيقافه على الفور واتخاذ إجراءات قد تصل إلى السجن وإسقاط العضوية عنه، والأخطر من ذلك أن النائب حماد أعطى لمن سيقوم بهذا الفعل-لا قدّر الله- المبرر والدافع، بالقول إن الأسرة التي ستُسحب جنسيتها سيكون ذلك بمنزلة الإعدام لها، فما الذي يخيف من سيعدم معيشياً من أي عقوبة أخرى لو اعتدى على نائب أو قام بتصفيته جسدياً؟

بصراحة، وأنا أستمع إلى كلام النائب حماد في الجلسة، تذكرت وقائع الفيلم الأميركي الشهير «The assassin» وأحداثه بشأن التحريض وعواقب ذلك الوخيمة، كما تذكرت خبراً عن عشرات القرارات التي تتخذها إدارة الهجرة في الولايات المتحدة يومياً بسحب الجنسية الأميركية بسبب الزواج الصوري أو السهو في معلومة تافهة في مستندات التجنيس بعد سنوات طويلة من الحصول عليها، دون أن يعترض نائب من أصل مكسيكي أو نمساوي أو خلافه على ذلك، أو يحرض على الاعتداء والقتل.

هذه الزلة الكبيرة التي وقع بها النائب المحترم سعدون حماد تتطلب أن يقف ليعتذر ويسحب كلامه على الأقل، فالكويت دفعت غالياً من مقدراتها وتركيبتها الاجتماعية ومستقبلها بسبب العبث في مجالات كثيرة فيها، وما تعانيه اليوم تقع مسؤولية كبيرة منه على عاتق العبث بملف التجنيس الذي يجب أن تكون تنقيته من المخالفين والمدلسين والمتجاوزين مهمة وطنية، ولا يجوز أن نزيد الطين بلة، بأن نؤسس لبذور التوتر في المجتمع والتحريض لزعزعة السلم الأهلي والأمن الوطني.