في 4 أكتوبر 2007 عقد مدير إدارة سوق الأوراق المالية (البورصة) صالح الفلاح مؤتمراً صحافياً بعد أشهر من حملة شرسة عليه قادها عدد من أصحاب الشركات وآخرون ممَن كانوا يريدون تصفية حسابات معه بسبب التزامه بتطبيق القوانين واللوائح... وكان أهم ما قاله الفلاح رداً على الحملة بسبب رفضه إدراج بعض الشركات:

Ad

- يريدون إدراج شركات نفخوا أصولها بإعادة التقييم، وإذا رأينا أن مصلحة المتعاملين غير مؤمَّنة في هذه الشركة سنرفض إدراجها.

- يزيدون رؤوس الأموال بجرة قلم، وهذا ما لنا رأي فيه عندما يتقدمون للإدراج.

- شركات طلبت الإدراج وليس لديها إلا خريطة مشروع... كيف ندرجها؟

- شركات رُفض إدراجها ليس لديها مقر ولا موظفون.

- نتصل بشركات طلبت الإدراج فلا نجد إلا سكرتيرة تعمل لعدة شركات معاً... ولا نعرف ماهية هذه الشركات؟

- مجاميع استثمارية درجت على تفريخ شركات تريد إدراجها وهي لا تقدم شيئا للاقتصاد الوطني.

- يريدون إدراج شركات ورقية، كلفة السهم عليهم فيها 100 فلس ويريدون بيعها بأضعاف ذلك ليربحوا هم، دون الاهتمام بمصير من يحمل هذه الأسهم لاحقاً.

- لن نسمح لهم... لأنهم يريدون العبث بالاقتصاد الوطني عبر إدراج شركات ورقية أو مفرخة بعد زيادة رؤوس أموالها وتغيير مركزها المالي دون أسباب موجبة، لأنهم يريدون الإدراج وحسب.

- إن إحدى الشركات المتقدمة للإدراج كان رأسمالها خمسين ألف دينار في عام 2004، ارتفع إلى 15 مليون دينار عام 2005، ومن ثم قفز إلى 100 مليون دينار عام 2006.

هذا أهم ما قاله السيد الفلاح في ذلك المؤتمر، وقبل وقوع الأزمة الأقتصادية الكبيرة بتسعة أشهر تقريباً، وحذر منه، ولكن الموجة كانت أعلى منه، فتكتلوا ضده، وشكَّلوا المجاميع، وشغَّلوا آلتهم الإعلامية ومحاسيبهم لتجريحه، وكلفوا أكبر مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية في الداخل والخارج لتكيف قضاياهم أمام القضاء وربحوها ضد إدارة البورصة، ونقضوا بذلك قرارات مصيرية لها لمصلحة السوق وصغار المستثمرين وتعزيز الشفافية، وأدرجوا بعض الشركات التي سيتضح حقيقة مراكزها المالية وأصولها خلال فترة قصيرة مقبلة.

والآن نتساءل أين ذهبوا؟ ولماذا خفُت صوتهم وتراجعت مطالبهم؟ وأين شركاتهم التي يريدون إدراجها؟ وكم أصبحت قيمتها اليوم؟ وكذلك قيمة أصولها؟ وماهي ملاءتها المالية؟

الحقائق التي ستتضح خلال أسابيع، وعند تطبيق قانون الاستقرار المالي ستكشف عن هذا السيل من الشركات الاستثمارية بصفة خاصة التي أدرجت قبل ولاية صالح الفلاح، وحاولوا إرغام الرجل على إدراج المزيد منها في عهده، وستنصف تلك الحقائق الفلاح كرجل مهني حكَّم ضميره والمصلحة العامة قبل كل شيء وأراد أن يبدأ عملية إصلاح حقيقية تضمن قوة السوق وحماية حقوق جميع المستثمرين فيه كباراً وصغاراً دون تفرقة، ولكنهم منعوه بالتشويش المستمر وعرقلة جهوده بأن يباشرها، ليستمر تلاعبهم والتغرير بالمزيد من الصغار لشفط مدخراتهم.

فـ «الخنبقة» التي حدثت في السوق خلال السنوات الست الماضية لا يمكن أن تمر مرور الكرام، خصوصا أن تكلفتها على المال العام ستكون بمليارات الدنانير، علماً بأن هناك من يتحدث عن تواطؤ طوال السنوات الماضية من بعض مكاتب التدقيق وبنود بعشرات الملايين مُرِّرت في ميزانيات دون شرح أو تفصيل كمكافآت وخلافه، وخسائر أصبحت أرباحاً وبالعكس، ومهازل كثيرة دفع الكويتيون «دم قلوبهم» نتيجة لها، وبسبب أيضاً تجاهل وزارة التجارة لشكاوى من مساهمين حول تجاوزات ومخالفات عديدة في الجمعيات العمومية لبعض الشركات وميزانياتها.

واليوم... وفي خضم الأزمة وضياع مدخرات معظم أهل الكويت، فأنا على يقين بأن أكثر شخص مرتاح الضمير ومتسق مع مبادئه هو مدير إدارة سوق المال صالح الفلاح الذي تنبأ... فحذَّر... فصدق... والحق ظاهر ولو بعد حين.