هوس التعليم الرخيص

نشر في 16-07-2008
آخر تحديث 16-07-2008 | 00:00
 أحمد عيسى

نلحظ أن هناك «هوساً» متفشياً بين الكويتيين بالتعليم الهابط وسط اعتراف الدولة وأمام ناظريها، في حين نرى السعودية تقرر زيادة عدد مبعوثيها لتحصيل العلم في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفرنسا، كما قامت قطر بوقف إيفاد أبنائها لتحصيل العلم في الدول العربية، حرصاً منهما على جودة التعليم ومستوى خريجيها.

استغربت القرار الذي أصدرته وزيرة التربية مطلع الأسبوع بإيقاف إيفاد الطلبة الكويتيين للدراسة في عدد من الجامعات والمعاهد المصرية والبحرينية، ومنبع الاستغراب ليس لكون الجهات المعنية ذات مكانة علمية مرموقة، بل لأن القرار صدر بإيقاف الإيفاد بصفة مؤقتة وليس دائمة.

الكويت تملك فرادة استثنائية عالمية في موضوع التعليم، فبينما تحرص دول المنطقة على رفع مستوى خريجيها كماً ونوعاً بإيفادهم إلى جهات أكاديمية مرموقة، نجد الكويتيين «مهوسين» بتحصيل العلم من جهات مشكوك في مستواها الأكاديمي في البحرين ومصر والأردن، وهو ما يعكس إلى حد ما تدني مستوى الجهاز الحكومي.

ملف التعليم العالي يلخص في أحد أوجهه أزمة وطن يفتقد للرؤية، فهناك جهتان تشرفان على بعثات الدراسة، هما وزارة التعليم العالي وديوان الخدمة المدنية، وكلاهما يملك سجلاً خاصاً للجامعات والمؤسسات التعليمية، فما تعترف به التعليم العالي ربما يرفضه ديوان الخدمة، والعكس.

أما المفارقة المضحكة، فهي أن وزارة التعليم العالي تعترف بجامعات مرموقة مثل هارفارد ويل وأوكسفورد، بالدرجة نفسها التي تعترف بها أكاديمياً بالمعهد العالي للدراسات المتطورة في الهرم، وجامعة فيلاديلفيا بالأردن والجامعة الخليجية بالبحرين، وهي ذاتها التي توفد الطلبة للدراسة في الولايات المتحدة الأميركية، وترشح أيضا طلبة للقبول في جامعات تفتح أبوابها في نهاية الأسبوع فقط.

يحدث هذا «الهوس» بالتعليم الهابط وسط اعتراف الدولة وأمام ناظريها، في حين نجد المملكة العربية السعودية تقرر زيادة عدد مبعوثيها لتحصيل العلم في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفرنسا، كما قامت قطر بوقف إيفاد أبنائها لتحصيل العلم في الدول العربية، حرصاً منهما على جودة التعليم ومستوى خريجيها، فانظروا إليهما وتأملوا حالنا، خصوصاً أن لدينا وفقا لمعلومة غير معلنة، أكثر من ألف موظف مستمرين في دراسة الماجستير والدكتوراه، وضعفهم يكملون الدبلوم والبكالوريوس، نصيب الأسد منهم في مصر بواقع 950 طالباً وطالبة، بينما يواصل 500 تلقيهم العلم في الأردن، وحصة البحرين 250 كويتياً، أما هذا العام فيسعى أكثر من 200 إلى الدراسة في مصر، وحوالي 150 ينتظرون قبولهم بالبحرين، أما الراغبون في الدراسة بالأردن فيبلغ عددهم 480.

إن خطورة ما يحدث تنعكس على الدولة والمواطن، فخريج القانون «الرخيص» سيتعيّن عليه المطالبة بحقوق الدولة أو الترافع عن متهم، والمحاسب «الرخيص» سيشرف على مصروفات وإيرادات الوزارة التي يعمل بها، أما الدكتور والمدرس «الرخيص» فسيعد الأجيال المقبلة، لتتواصل الكوارث في وجوده، ومن بعده.

أرجوكم عودوا وتأملوا حال الرياض والدوحة، وقارنوها بنا، فهناك تبعث الدولة أبناءها للدراسة في باريس وأوكسفورد، ونحن نفرح بتخرج أبنائنا في الهرم والمقطم.

back to top