الحل الشامل لمعضلة الرياضة في الكويت يكمن في خصخصة الأندية ورصد الدولة لجوائز مالية بـ200 مليون دينارعلى الأقل سنويا لجميع المسابقات حتى يكون هناك دافع للشركات الخاصة للاستثمار في الأندية.
استمتعنا كما استمتع الكثيرون بالألعاب الأولمبية الأخيرة في بكين، التي شهدت منافسات وإنجازات غير مسبوقة، فقد استمتعنا بأداء السباح الأميركي مايكل فيلبس الذي حطم الأرقام القياسية بأنواعها المختلفة، وكان أهمها حصوله على ثماني ذهبيات في دورة واحدة، كما استمتعنا بأداء العداء الجامايكي أوسين بولت الذي حطم رقمين قياسيين في سباقي مئة ومئتي متر وبسهولة مستغربة. لكن وكالعادة كان الحضور العربي «وبالطبع الكويتي» خجولا جدا مع أن الإمكانات المتوافرة لدينا تفوق بكثير إمكانات دولة صغيرة وفقيرة مثل جامايكا التي تفوقت على العرب مجتمعين، وحصدت 11 ميدالية منها 6 ذهبيات!كنا نشاهد المنافسات ونتحسر على الفرص الضائعة والشباب الموهوب الذي لا يملك الإعداد ولا الاهتمام الكافي لجعلهم أبطالا أولمبيين، مع أن إمكانات الدولة المالية متوافرة لكن من دون توظيفها بكمية كافية وفي المكان الصحيح. في عصرنا هذا لم يعد هناك مجال لتحقيق الإنجازات اعتمادا على الهواة، بل كل شيء يحتاج إلى المادة. وأبرز مثال على ذلك العداء الجامايكي بولت الذي قام صندوق لدعم الرياضيين في الدول الفقيرة بتبنيه حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن.و لذلك، لنا أن نتخيل ما كان لاعبو كرة اليد سينجزونه للبلد لو كانوا محترفين؟ والأمر نفسه ينسحب على أبطال الكراتيه والسباحة وغيرهم من الذين يحصدون الألقاب حتى في البطولات الدولية الشبابية، وكان آخرها بطولة السويد لكراتيه الشباب، بينما لا يستطعون تحقيق الكثير دوليا عندما يكبرون بسبب إهمال الدولة لهم.إن الطريق إلى صنع أبطال أولمبيين واضح تماما لكننا بحاجة إلى توظيف الأموال لذلك، فلا يمكننا صناعة سباحين أولمبيين إذا كان مدربوهم «بو400 أو 500 دينار» بل هم بحاجة إلى مدربين عالميين يتابعونهم منذ نعومة أظفارهم إلى ما بعد الثانوية، وهذه العملية بحاجة إلى 4 سنوات على الأقل، وربما أكثر وليس لشهر أو شهرين كما هو الحاصل الآن. فالصين مثلا لم تزحزح أميركا من تصدر الترتيب العام للميداليات من خلال إعداد 4 سنوات، بل عملت لهذا اليوم منذ ثماني سنوات، وتوجت جهودها تدريجيا في أولمبياد أثينا عندما حلت ثانية بعد أميركا. ولذلك لم يكن مستغربا أبدا أن تتفوق على أميركا في هذه السنة. وأبناء الصين ليسوا أفضل من أبناء بلدنا الذين لو توافرت لهم الإمكانات لرأينا جميعا ماذا سينجزون، ويكفي شهادة المدرب العالمي هيدالغو الذي قال إن الكويت تملك أفضل الخامات في الخليج كله. ولذلك يجب أن نرصد المبالغ الكافية منذ الآن لجلب أفضل المدربين لإعداد شبابنا للأولمبياد القادمة، خصوصا في ألعاب السباحة وألعاب القوى والجمباز ورفع الأثقال لأنها أكثر الألعاب التي يهتم بها الإعلام، مع احترامي لبقية الرياضات.أما إذا استمر الوضع الحالي في الرياضة التي يسيطر عليها الفاشلون والراكضون وراء المناصب وحب الظهور، فلن نحقق أي إنجاز ولو بعد 100 سنة. لكن المصيبة أن هؤلاء الفاشلين هم أقوى من الحكومة، وأكبر دليل على ذلك طريقة معالجة وزير الشؤون لمشكلة اتحاد الكرة مع الفيفا، فأساس المشكلة ليس موعد الانتخابات بل رفض أندية تكتل الخراب الرضوخ لقوانين الدولة الموقعة من قبل سمو أمير البلاد. فالحل يكمن بحل مجالس إدارات كل الأندية التي ترفض القبول بقوانين الدولة التي سنها ممثلو الأمة وتعيين مجالس بديلة لها. أما القول بتعديل هذه القوانين فهو يعتبر مكافأة لهؤلاء المتمردين على القوانين، وستعد سابقة يمكن من خلالها الانقلاب على إرادة الأمة عبر تحريض جهات خارجية على القوانين التي لا تعجب البعض. فيجب التمسك بهذه القوانين حتى لو أدى ذلك إلى إيقاف نشاطنا الكروي الخارجي (من زينه عاد) وحتى لو لم ترض بعض الأطراف المتمصلحة والمشبوهة من داخل الفيفا نفسه.أما الحل الشامل لمعضلة الرياضة في الكويت فهو في خصخصة الأندية ورصد الدولة لجوائز مالية بـ200 مليون دينارعلى الأقل سنويا لجميع المسابقات حتى يكون هناك دافع للشركات الخاصة للاستثمار في الأندية، وبهذا الحل لن يكون هناك مكان للطفيليات والمتسلقين في الأندية لأن رأس المال الجبان لن يعهد أمره بأيدي هؤلاء. إذن علّتنا الحالية هي في الجمعيات العمومية التي تنتخب الإدارات على أساس المحسوبيات والمعارف وليس على الكفاءة، والفائز دائما هو من يسجل أكبر عدد من الأعضاء، ولنا في طريقة اختطاف نادي القادسية عبرة. وحتى لو تم تطبيق القوانين الرياضية على اتحاد الكرة وبقية الاتحادات فإن الأندية الفاشلة ستظل الحاكمة ولا عزاء للرياضة.
مقالات
آه يا قهر
11-09-2008