Ad

يا سادة... القاعدة الدينية تقول: «حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق العباد على المشاحة»، بمعنى أنني إذا كنت مقصراً في واجباتي الدينية، فإن الله رحيم وكريم، وهو للعفو أقرب لأن جانب القصور متعلق بأمور بين المرء وخالقه، أما إذا أتيت يوم القيامة وقد شتمت هذا، وسرقت ذاك، وقطعت رزق هؤلاء، وكذبت على أولئك، فلا مجال للعفو والمغفرة.

قاعة عبدالله السالم في مجلس الأمة ليست مسجداً ولا حوزة، تلقى فيهما الخطب العصماء لتذكير الناس بالحلال والحرام، وتفسير النصوص الدينية والدخول في تفاصيلها، بل هي صرح تشريعي رقابي، عماده الدستور، وأرضيته السياسة لا الدين، وكل نائب دخل القاعة مثَّل الأمة من هذا المنطلق، وفي عملية ديمقراطية، وفق انتخاب وليس «شورى»، وعليه وعلى تياره في الخارج أن يدركا هذه الحقيقة عندما يتحدثان عن البرلمان وقضاياه.

التديّن والصلاح ليسا لحية تُطلَق، ولا ثوباً يقصّر، ولا حتى صلاة تؤدى، إنما هما ممارسة حقيقة على أرض الواقع، فالعبرة في نهاية الأمر بالسلوك لا بالمظاهر، لأننا نحكم على الأمور من خلال النتائج لا الأسباب.

ما فائدة أن تكون أنت وصاحب لك ملتزمين دينياً -في المظهر- لكنك لا تقول الحق ولا الحقيقة، ويأتيك طالب حاجة فلا تمد إليه يد العون، وترى غريقاً يوشك أن يهلك فلا تنقذه، بل إنك تسعى إلى التضييق على المواطنين في أرزاقهم، بينما صاحبك يشاركك في «خليقة» الكذب، فهو لا يعرف الصدق إلا عندما «ينام»، ينفي تهمةً اليوم، ويؤكدها غداً بعد أن كشفها الناس، يمارس الدجل السياسي مع الحكومة، تحت عباءة الدين الذي هو منه ومنك براء.

ما فائدة صلاتكما إذا لم تكن «تنهى عن الفحشاء»؟ ما فائدة التديّن إن لم يعمر قلبيكما بالرأفة والرحمة على مَن توليتما أمرهم وأصبحتما ممثلين لهم؟ ألم يكفك ما قلته عن «البدون» تحت ستار الكعبة؟ ألم تكفِ صاحبك فضيحة «هاتفه» النقال؟

يا سادة... القاعدة الدينية تقول: «حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق العباد على المشاحة»، بمعنى أنني إذا كنت مقصراً في واجباتي الدينية، فإن الله رحيم وكريم، وهو للعفو أقرب لأن جانب القصور متعلق بأمور بين المرء وخالقه، إما إذا أتيت يوم القيامة وقد شتمت هذا، وسرقت ذاك، وقطعت رزق هؤلاء، وكذبت على أولئك، فلا مجال للعفو والمغفرة لأن الخطايا والذنوب مع خلق الله، وليست مع الله، والناس في ذلك اليوم تريد حقوقها وقصاصها العادل، في حضرة مَن لا يُظلم عنده أحد.

لسنا كفرة ولا ملحدين، نصلي ونصوم ونحج ونزكي ونمارس شعائر ديننا الإسلامي كافة، ولكن وفق ما غرسه فينا آباؤنا، بتعليمهم البسيط وفطرتهم السليمة التي لم تلطخها قذارة السياسة، والتي تقوم على أساس أن الدين هو «الخُلق»، لا كما يريد أن يفرضه علينا «متأسلمو» التيارات السياسية، من خلال الطاعة العمياء لهم، والانجرار خلفهم كقطيع الأغنام من دون إعمال للعقل.

فإن كان هذا هو فهمكم للإسلام، قائماً على الخداع والزيف، والازدواجية، والتفريق بين المواطنين، وتجيير النصوص الشرعية بما يخدم أهدافكم ومصالح تياراتكم، فنحن لا نريده ولسنا مثلكم. أما إذا كان مفهوم «الكفر» لديكم هو تحقيق العدالة والمساواة، والحفاظ على مكتسبات الشعب، وحماية أملاك الدولة، ومحاسبة المخطئين على أخطائهم وتجاوزاتهم ورفع المعاناة عن أبناء الوطن من منطلق القاعدة الشرعية التي نسيتموها: «من فرّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا، فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»، فليشهد الجميع أننا «نكفر»، ليس بديننا، بل بكم وبفهمكم الخاص للإسلام، ومن اليوم فصاعداً لن نصلي خلف أحد منكم، بل سنصطف في طوابير لنصلي خلف مسلم البراك -الذي نعتوه بأنه لا يصلي- ومَن هم مثله من نواب الأمة.