إحياء التراث والخزانة الأميركية
أول العمود: حضور وزير الإعلام للحفل الختامي لمهرجان الموسيقى الذي يديره المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب خطوة بروتوكولية إيجابية، نتمنى أن تكون قد حفزته لتقديم فكرة إنشاء مجمع ثقافي يليق بالكويت... نقول ذلك بسبب أن الفرقة اللبنانية (صهيل) كانت تتكون من 18 استعراضياً شكلوا ازدحاما بشرياً على خشبة مسرح «مدرسي»! ***
كل تعاطف رسمي أو شعبي مع الدور الخيري لجمعية «إحياء التراث» داخل الكويت وخارجها إثر صدور قرار وزارة الخزانة الأميركية بتجميد أصولها يعتبر تعاطفاً مبرراً، وهكذا كان موقف وزارة الخارجية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وعدد من أعضاء مجلس الأمة، لكن ما نتمناه أن يكون علاج هذا الموضوع مغايراً للطريقة التي تمت بها مواجهة التقرير الأميركي للاتجار بالبشر في دولة الكويت على الأقل من الناحية الإعلامية، حيث كان هَمّ الجهات الرسمية انتقاد التقرير ووصفه بالمبالغة، مع عدم الإفصاح عن أي خطوة أو جهد قادمين لمعالجة ما ورد في التقرير من اتهامات، وهو بالمناسبة تقرير لا يتجاوز صفحة واحدة! اليوم نحن أمام قرار صادر عن أعظم دولة في العالم وأقواها على الإطلاق، وفي القرار رسالة واضحة، ونحن أيضاً أمام جمعية تملك من أموال المتبرعين الكثير، وهي مدت عبر سنوات جسور مساعدات متنوعة ومتعددة داخل الكويت وخارجها، وقطعها بشكل فجائي سيشكل ضرراً للمنتفعين بها، وهو ما ذكرته مصادر أميركية في النبأ الصحفي الذي نشر يوم السبت الماضي كبادرة للتذكير بتعاطف القيم الأميركية ودعمها للعمل الإنساني، وأمام ذلك، فإن المطلوب هو الحكمة في المعالجة من الجانب الرسمي والشعبي الكويتي معاً، وأولى مراتب الحكمة في هذا الحادث الخطير هما الشفافيـة، والمكاشفة... كيف؟في شهر رمضان من كل عام ترصد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بصفتها الجهة الراعية للجمعيات الأهلية الخيرية عدداً من المخالفات إثر تجمع الأموال المتحصلة من الزكوات والصدقات في ذلك الشهر الكريم، وتنشر هذه المخالفات بشكل سنـوي في الصحافة المحلية، وهذه الأمور يجب أن تتوقف من خلال الحوار والمناقشة المستدامة بين وزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية، وهناك أيضاً بعض التصرفات الفردية التي نُشر عنها الكثير من أعمال اختلاس أو توجيه لمصادر مالية تملكها بعض الجمعيات إلى أغراض يحيط بها الشبهات، ويمكن اعتبار حادثة اختلاس 3 ملايين دينار من جمعيـة «صندوق إعانة المرضى» مثالاً بارزاً على ضعـف الانضباط في الإدارة والرقابة المالية لكثير من الجمعيات الدينية الخيرية.مؤتمر «العمل الخيري الإنساني الأول» الذي عقد في نوفمبر 2004م في الكويت طرح قضايا مهمة وحيوية تدخل في صميم العمل الخيري بعامة، والخليجي منه خاصة، والذي خضع طوال عقود لمقاييس اجتماعية ومناقبية شخصية لم تعد تصلح لإدارة مؤسسات تتعامل بموارد مالية ضخمة، فالعمل الخيري في عصرنـا الحالي يعتبر مؤسسة بحد ذاتها، والمؤسسة تحتاج إلى إدارة فعالة ناقدة لذاتهـا وشفافة تعلن تحركها، وتفصح عن أموالهـا التي هي أموال الناس في الأسـاس.نتمنى أن يكـون قرار الخزانة الأميركية الأخير، وهو قرار ثقيل بحـق، مدعاة لأركـان وزارة الشؤون الاجتماعية والعمـل والقائمين على العمل الخيري من دون تخصيص، لتطوير مؤسساتهـم واعتماد مبادئ الإدارة السليمـة والأنظمة المالية الشفافـة لنقـل أموال الزكاة والصدقـات إلى الجياع والمعوزين المستحقيـن. نقول ذلك للمسؤولين عن العمل الخيري جميعهم، فالتعامل بالمال محفوف بالمخاطر!