خذ وخل: المسكوت عنه في فضاء المرشحين!

نشر في 07-05-2008
آخر تحديث 07-05-2008 | 00:00
 سليمان الفهد في حدود رصدي العابر لاهتمامات مرشحي الدائرة التي سأقترع فيها، لم أجد أياً منهم يحفل بمتابعة ملف العمالة الوافدة، بكل ما ينطوي عليه من استلاب حقوق، وتدني أجور لا تُسلّم إلا بطلوع الروح، وعلاقة متوترة بين الشغيلة ورب العمل، وتحديات شتى باتت تهدد وجود المجتمع وأمنه واستقراره! إن ملف العمالة معروف للخاصة والعامة، ومع ذلك كله فإنه مهمل إلى حين حدوث واقعة فاجعة تعيد الاهتمام الغائب إلى الملف المسكوت عنه المؤجل البحث فيه... كما هي عادتنا في التصدي لأي تحدٍّ يجابهنا! معولين على أن يتكفل الزمن في إيجاد الحلول الناجعة! وكل تأخيرة فيها خيرة، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد بل إلى بعده! وقد كان عندنا وزارة تخطيط ليس لها من اسمها نصيب، لأن تخطيطها راقد بين طيات أضابير الأرشيف والمحفوظات، التي تعشش فيها العناكب، وتسرح وتمرح في جنباتها الفئران المدمنة على قرض الدراسات والبحوث والقرارات والتوصيات إلى حد «البشمة»! ولعل مرد إهمال المرشحين لتحديات العمالة الوافدة يتبدى في أن الأخيرة لا تصوت سوى بالصوت الرفيع مطالبة بتحسين أجورها، وتمكينها من ممارسة حقوقها الإنسانية! وهتاف الصامتين لا يسمعه سوى ذلك النفر من النواب الذين يعدون العمالة تحتل حيزاً في لوحة الفسيفساء السكانية.

* وإذا صحت هذه النظرة، فأجزم بأنها قاصرة وتكابد حولا حقوقياً إنسانياً أثار حفيظة واحتجاج العديد من الهيئات والنشطاء المعنيين بحقوق الإنسان المستلبة من قبل أخيه الإنسان. أعرف أن هناك لجنة لحقوق الإنسان بالمجلس، لكني لا أذكر لها فعلا يتجاوز بيانات الشجب وهتافات التنديد! اللهم إلا إذا كان عملها سريا يستوجب العتمة والكتمان!

الشاهد أن ملف العمالة الوافدة لا يجوز إهماله والتهوين من شأنه، لاسيما أنه لا يحتمل التسويف ولا التأجيل وفق أي مبررات ما أنزل الله بها من سلطان، اللهم إلا سلطان رب العمل وسطوته وطغيانه المسلط على كاهل الشغيلة الكادحين المظلومين.

ومن هنا فإن المرشحين الجدد «ذكوراً وإناثاً» مطالبون بأن يكون ملف العمالة على رأس أولوياتهم، ويتصدر أجندة نشاطهم البرلماني التشريعي، لأنه يشكل قضية وطنية اجتماعية سكانية إنسانية، تتمخض عنها مشاكل ومعضلات وتحديات شتى، ما برحت تتراكم وتتكرش ككرة الثلج المتدحرجة من علٍ! بينما نحن نتفرج عليها بعين لا مبالية، قانعين بالهذرة حولها، وهجاء تبعاتها، وذم المافيا المتحكمة بها!

* ولغياب التخطيط وحضور «التخبيط» ترانا نمارس التخطيط بـ«القطاعي» يوما بيوم! أما التخطيط الطويل الأجل فإنه ليس من «عاداتنا وتقاليدنا» ولعل مقاربتنا لملف العمالة الوافدة وتعاملنا معه- حكومة وأهالي- يفسر ما ذكرته آنفا ويدلل عليه، فالحكومة الرشيدة لا تفتح طيات الملف وتبحلق فيه، إلا إذا ألمت بالوطن إحدى المآسي الخارجة من رحم العمالة؛ المليء بالمعاناة، الحرية بالعلاج الجذري الشفاف الجريء الذي لا يخشى في الحق والعدالة والإنصاف: لومة مقاول أنفار وتاجر إقامات، وحضرة الكفيل الجشع الذي لا يكفل شيئا سوى الحرص على الحصول على «الأتاوة» الشهرية المفروضة على الشغيلة المعدمين!

نحن إذن بحاجة إلى نائب يعلق الجرس في أذني هذا الملف الحيوي الخطير! ولن نعدم وجود هذا النائب أو النواب... لأنها «لو خليت خربت» بحسب قولة القايل، وثمة مشهد يتواتر كل فجرية، لعله يختزل محنة آلاف الشغيلة المستلبي الحقوق من قبل «المافيا الآسيوية الخليجية» المستحوذة على سوق عمل الشغيلة في البيوت والشوارع والمزارع وغيرها!

المشهد المعني: يتجلى في حشود عمال النظافة؛ الذين يبدؤون عملهم متزامنا مع النداء الأول لصلاة الفجر. يعملون بدأب وصمت؛ يطوي القهر في الصدور! على الرغم من أنهم لا يستلمون أجرتهم الشحيحة، إذا استلموها، إلا بعد شهور عدة من تاريخ استحقاقها! ومن هنا: شرع العديد من أهالي المناطق التي يعمل بها عمال النظافة، بتزويدهم بالزاد والتموين والمقسوم الذي يجودون به، بين حين وآخر... جزاهم الله خيراً.

لكن مبادرة الأهالي الإنسانية، مجرد مسكّن يعالج العرض ولا يتصدى للمرض نفسه، وهي مهمة ليست منوطة بهم بداهة. والمهم الآن المبادرة بتعليق الجرس اليدوي بإيقاعات التحذير والانتباه علّ القوم- حكومة وأهالي- يعون أن إضبارة العمالة الوافدة حبلى بالأحداث والممارسات الضارة للبلاد والعباد، وقد آن أوان احتوائها بصيغة إيجابية ديمقراطية، لتبدأ ولادة «قيصرية» وغير طبيعية تلد الهجين والخدج من القرارات!

back to top