المفترض ان الذين تابعوا المقابلة التي خص بها الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما فضائية «العربية» دون أي فضائية أخرى، أدركوا ان هناك سياسة أميركية جديدة بالفعل تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط كله، وأن مجيء الموفد الأميركي جورج ميتشل الى هذه المنطقة يشكل خطوة فعلية على هذا الطريق، وأن تحركات «العلاقات العامة» ليس على أجندة الإدارة الأميركية الجديدة.
سيجري تعزيز وضع الرئيس محمود عباس (أبومازن)، الذي أعلنت تسع فصائل وهمية، لا وجود حقيقياً لها على أرض الواقع، من دمشق أنه لم يعد رئيساً وأنها لا تعترف برئاسته ولا بحق منظمة التحرير الحالية في تمثيل الشعب الفلسطيني، وسيجري مدّ نفوذ السلطة الوطنية من الضفة الغربية الى غزة، وستشهد الأيام المقبلة تقدّماً فعلياً وحقيقياً بالنسبة الى عملية السلام التي هي الخيار الوحيد، ولا خيار غيرها لا بالنسبة الى العرب ولا بالنسبة الى الفلسطينيين. لا يوجد أمام حركة حماس نتيجة الحرب الأخيرة التي كانت مأساة كارثية وليس نصرا إلهياً ولا صموداً بطولياً إلا إما الاستمرار في الركض وراء السراب والاستجابة بحكم المستجدات التي أوجدتها هذه الحرب لكل ما يريده الإسرائيليون أو الاستفادة من دروس كل هذا الذي حصل والالتقاء مع حركة فتح على أرضية برنامج الحد الأدنى، وفي إطار منظمة التحرير الفلسطينية. إن المفترض ان حركة حماس قد استفادت من هذا الدرس القاسي وأدركت ان الذين تعتبرهم حلفاءها ثبت ان كل ما يهمهم هو المتاجرة بدماء الشعب الفلسطيني لتحسين مواقعهم في معادلة هذه المنطقة وانه عليها ان تغلق آذانها أمام كل ما يصلها من قادتها في الخارج، الذين اتضح أنهم لا يخيطون بمسلة فلسطينية وأنهم يقدمون تحالفاتهم الإقليمية على تطلعات شعبهم ومصالحه الوطنية. إن الأمور في غاية الجدية وان الأميركيين قادمون هذه المرة بـ«أجندة» تختلف عن الأجندة السابقة وانه إذا كان جورج بوش (الابن) لم يفطن لصراع الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية إلا في آخر لحظات ولايته الثانية، فإن المؤكد ان باراك أوباما عاقد العزم فعلاً على ترجمة كل ما قاله أثناء معركته الانتخابية.إن المفترض ان «حماس» قد أدركت بعد هذه الحرب المدمرة، التي أرادتها إيران، ومعها حلفاؤها، لحسابات لا علاقة لها بالحسابات الفلسطينية... انه عليها ان تعود الى التغريد في سربها وأنه بعد هذه التجربة المريرة أمامها خياران هما: إما التحول الى حزب سياسي معارض غير ملزم لا بالاعتراف بإسرائيل ولا بالتعاطي مباشرة مع العملية السلمية، وإما التفاهم وبسرعة مع السلطة الوطنية ودخول كل أطرها والتخلص من هذا الانقسام المكلف والالتحاق كشريك فاعل في منظمة التحرير الفلسطينية. * كاتب وسياسي أردني
أخر كلام
حماس أمام خيارين
30-01-2009