الأسباب الفعلية لاستقالة الحكومة

نشر في 18-03-2009
آخر تحديث 18-03-2009 | 00:00
 أحمد عيسى استقالت الحكومة بعد أن غزت بيتها الاستجوابات المطالبة بمحاسبة رئيسها وصعوده المنصة، الشيخ ناصر المحمد قاد دفة مجلس الوزراء منذ فبراير 2006، وشكل مذ ذاك خمس حكومات خلال ثلاث سنوات، مختصرا مدة الحكومة الدستورية إلى سبعة شهور بدلا من أربع سنوات.

بحسب معايير قياس الفشل والنجاح سياسيا، فإن الشيخ ناصر المحمد لم ينجح في مهامه، لكن بالمقابل لا تتحمل الحكومة وحدها وزر تراجع البلاد، فنحن شئنا أم أبينا شاركناها الفشل، واكتفينا بضم أكفنا بالدعاء، عسى أن يكون موتها رحيما، لا تتعذب فيه، ولا يتقاسم تركتها الورثة قبل انقضاء مجلس عزائها.

أن ينقلب الدستوريون على الدستور فتلك مصيبة، والأعظم أن يطالب بذلك نواب منتخبون تحت «قبة عبدالله السالم»، متناسين أنهم يقفون في حضرة من طالما أنصف شعبه بوجه حكومته، مقتنعا بأن الشعب دوما على حق.

على الأرض، نحن نعيش مرحلة نرى في تباشيرها محيي الدولة الدينية الجديدة، فلم يعد النقاش هذه الأيام سياسيا بين شاغلي السياسة، بل فقهيا يمارسه رجال دين، وكأننا انتخبنا مفتين وأئمة مساجد، وممثلين لمذاهب دينية، لا نوابا في البرلمان.

وتغافلنا عن حقيقة مؤلمة مفادها أن صراعنا السياسي، هو في واقعه، علامة تغير اجتماعي، وواجهة لصراعات اقتصادية وفئوية وطائفية، والأهم من بينها صراع بعض أفراد الأسرة الحاكمة، وجدت جميعها في البرلمان ساحة لتصفية الخصوم وبيان مدى النفوذ والسطوة.

حينما يتحول عمل الفريق محمد البدر إلى قضية بين نواب مناطق داخلية وخارجية، تنسحب الديمقراطية وتعزز العنصرية، وفيما يتوقف النقاش في اللجنة المالية حول مشروع الإنقاذ الاقتصادي ليُستأنف في إدارة الإفتاء بوزارة الأوقاف، تتراجع المدنية أمام الدين المسيّس، ومتى ما أصبح الغمز واللمز ممارسة سياسية تطول وطنية وانتماء النواب وذمتهم المالية، دون تقديم دليل، فاغسلوا حرية التعبير و«كفِّنوها»، وادعوا لها بالرحمة والمغفرة، أما إذا وصل الأمر إلى حد وجود فتويين إحداهما من الأوقاف لا تجيز هدم مسجد، وأخرى توجب هدم المسجد نفسه من رئيس قسم العقيدة بكلية الشريعة، فاعلموا أن في الأمر شيئاً ما، فهناك شرعيون يختلفون حول الموضوع عينه، وفقا لنفس المنطلق وهو الشريعة، فأي منهما نصدق، خصوصا أن كليهما يعملان في مؤسستين رسميتين تتبعان الحكومة نفسها، ولن أتحدث عن الخلاف الفقهي عن شراء مديونيات المواطنين، ورأي الشرع فيه، لأنه يعكس تغلغل الدين السياسي داخل القبلية، في تحالف مزعج.

مشكلتنا أننا نركز على الظاهر، ونتناسى أننا مجتمع أجادت تشتيته السلطة، واختطف فيه الساسة الإسلاميون مفاصل القرار، بعد أن أرخى لهم النظام حبل الإدارة، إثر فشله في تقديم مشروع وطني، يجيب عن الأسئلة الرئيسية بالحياة، من نحن؟ وماذا نريد؟

الليبرالية في الكويت تمر بمنعطف خطير، قد لا تكون بعده، فنحن نعيش في دولة اختطفها الساسة الإسلاميون، وأحكموا سيطرتهم عليها بتحالفهم مع عدد من أبناء القبائل، وبدعم من النظام، والنتيجة الحتمية لذلك، ستنسحب قيمنا وسيلتهمنا التشدد والتطرف تحت سقف الديمقراطية، التي يتخذونها حصان طروادة، يخترقون بها حصوننا، مستهدفين دولتنا التي تراجعت بفضل قيادتهم، وتفشى فيها الفساد وغاب القانون منذ قدومهم، فاستشكل الأمر على الحكومة واستعصى عليها الحل، و«قصت الحق من نفسها»، موحية بأنها ضعيفة تخشى على رئيسها السابق من صعود المنصة، وفقا للتفسير الكويتي للأحداث.

back to top