الحذر، كل الحذر، من المحاولات «المقنعة» لتنقيح الدستور التي قد تمر أحياناً من دون أن تلفت انتباه بعض الحريصين على نظامنا الديمقراطي كونها «تطبخ» عادة ودائما أثناء انشغال الناس في معالجة آثار الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

Ad

من المفرح جدا أن نرى تمسك الشعب الكويتي قاطبة بالدستور ووقوفه بصلابة في وجه من يحاولون الانقلاب على نظام الحكم الديمقراطي ولكن الحذر، كل الحذر، من المحاولات «المقنعة» لتنقيح الدستور التي قد تمر أحياناً من دون أن تلفت انتباه بعض الحريصين على نظامنا الديمقراطي كونها «تطبخ» عادة ودائما أثناء انشغال الناس في معالجة آثار الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويجري «تسويقها» إعلاميا كمبررات «ضرورية» للخروج من الأزمة. وغالباً ما يلجأ أعداء نظام الحكم الديمقراطي لمحاولات الالتفاف على الدستور عندما يعجزون عن القيام بالانقلاب السافر على الدستور مستغلين حالة عدم الرضا الشعبي عن أداء السلطتين.

ولعلنا نستطيع أدناه الإشارة إلى بعض هذه المحاولات والممارسات الحكومية-البرلمانية التي نراها هذه الأيام والتي تشكل، في ظننا، التفافا على الدستور:

1- الحديث المتواتر عن نية الحكومة التوسع غير المبرر في الرخصة التي منحها إياها الدستور، فيما لو تم حل المجلس حلا دستوريا، بل تجاوز هذه الرخصة من خلال القيام بإصدار مراسيم «ضرورة»! تتعلق، كما هو متداول، بتعديل الدوائر الانتخابية الذي سيرافقه، كما يشاع، فرض قيود شديدة على الحريات العامة وحرية التعبير، أي عودة العمل بقانون التجمعات العامة الذي ألغته المحكمة الدستورية في حكمها التاريخي الذي صدر في عام 2006، علاوة على فرض رقابة جديدة على الفضائيات ووسائل النشر الإلكتروني من خلال إدخال تعديلات «مقيدة» على قانون المرئي والمسموع والقيام أيضاً بإصدار «قانون تعزيز الاستقرار المالي» بصيغته الحكومية الحالىة رغم ما يعتريه من شبهات دستورية.

2- تأييد أغلب أعضاء مجلس الأمة، بشكل مؤسف، لمحاولات الحكومة السابقة، قبيل استقالتها، للالتفاف على الدستور واللائحة الداخلية للمجلس المتمثلة في تأجيل مناقشة الاستجوابات المقدمة لرئيس الحكومة بأي طريقة أو «تجميدها» من خلال الإحالة إلى المحكمة الدستورية، أو لجنة الشؤون القانونية والتشريعية بالمجلس، أو أي إجراء آخر يحول دون مناقشتها علانية وأمام الرأي العام الذي من حقه، دستوريا، أن يعرف الحقائق كاملة.

3- وجود أعضاء داخل لجان المجلس (اللجنة المالية والاقتصادية واللجنة التشريعية والقانونية تحديدا) لهم مصالح مباشرة في القوانين التي تجري مناقشتها في اجتماعات هذه اللجان، مما يعتبر تعارضا وتضارباً في المصالح لا يجيزه الدستور، علاوة على كونه يشكل نوعاً من أنواع الفساد الذي أشارت إليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقعتها الكويت وصدر بها قانون لتصبح ضمن منظومة القوانين المحلية حسب المادة 70 من الدستور.

4- التسابق البرلماني على إحالة مشاريع القوانين إلى دوائر الإفتاء الشرعي في الدولة بالمخالفة للدستور واللائحة الداخلية للمجلس الواضحين في هذا الجانب، حيث قامت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بإحالة مشروع القانون الحكومي بشأن «تعزيز الاستقرار المالي في الدولة» إلى لجنة الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية» كما أحالت اللجنة التشريعية والقانونية مشروع قانون إسقاط مديونيات المواطنين للبنوك التجارية وشركات التمويل إلى نفس اللجنة!

5- بروز دور جديد غير دستوري «للفتاوى الدينية» المتعددة والمتباينة التي يتقاذفها بعض أعضاء مجلس الأمة فيما بينهم وتتناقلها وسائل الإعلام المختلفة كلما طرحت قضية خلافية داخل المجلس مما يعتبر تجاوزا للدستور وتفريغا له من محتواه.