لم أجد كلمات أجمل ولا أجدى مما ذهب إليه واضعو الدستور، وحرصهم الشديد على وحدة الوطن وحمايته، وكأنهم يرون بعين ثاقبة مستجدات الأمور في مستقبل الكويت، آخذين ومدركين بعض المثالب التي يقع فيها البعض، ولتكون كلماتهم حصناً آخر يلوذ بها من يشطح فكره بعيداً، لأن ما يناسب الكويت هو همهم، وأن لديمقراطيتنا نهجاً يجمع الوطن ولا يفرقه، وإليكم ما ذهبوا إليه في التصور العام لنظام الحكم، وهذا نصها:
«امتثالاً لقوله تعالى «وشاورهم في الأمر»، واستشرافاً لمكانة من كرّمهم في كتابه العزيز بقوله «وأمرهم شورى بينهم»، وتأسياً بسُنّة رسوله الله- صلى الله عليه وسلم- في المشورة والعدل، ومتابعة لركب تراثنا الإسلامي في بناء المجتمع وإرساء قواعد الحكم، وبرغبة واعية في الاستجابة لسُنة التطور والإفادة من مستحدثات الفكر الإنساني وعظات التجارب الدستورية في الدول الأخرى... بهدي ذلك كله، وبوحي هذه المعاني جميعا، وضع دستور دولة الكويت.ولقد تلاقت هذه الأضواء وتلك المعاني المتكاملة عند أصل جوهري في بناء العهد الجديد، قام بمثابة العمود الفقري لهذا الدستور، وهو الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره. فلقد امتاز الناس في هذا البلد عبر القرون، بروح الأسرة تربط بينهم كافة حكاماً ومحكومين، ولم ينل من هذه الحقيقة ذات الأصالة العربية ما خلّفته القرون المتعاقبة في معظم الدول الأخرى من أوضاع مبتدعة، ومراسيم شكلية باعدت بين حاكم ومحكوم.ومن هنا جاء الحرص في الدستور الكويتي على أن يظل رئيس الدولة أباً لأبناء هذا الوطن جميعا، فنص ابتداء على أن عرش الإمارة وراثي في أسرة المغفور له مبارك الصباح، مادة (4)، ثم نأى بالأمير عن أي مساءلة سياسية وجعل ذاته مصونة لا تُمس، مادة (54)، كما أبعد عنه مسببات التبعة، وذلك بالنص على أن رئيس الدولة يتولى سلطاته الدستورية بواسطة وزرائه، مادة (55)، وهم المسؤولون عن الحكم أمامه، مادة (58) وأمام مجلس الأمة، المادتان (101) و(102)».انظر وتمعن تلك العبارات التحذيرية، ألسنا بحاجة ماسة إليها في ظل ابتعادنا عن نهج الديمقراطية الكويتية. هذا السؤال يوجه إلى الجميع دون استثناء.
مقالات
البريد العام: نظرة إلى المذكرة التفسيرية لدستور دولة الكويت (1)
28-11-2008