الغبقات الرمضانية مناسبة لاستعراض القوة والتكسب السياسي
لم تعد «الغبقات» الرمضانية مجرد مائدة طعام تجتمع حولها الأسرة والأصدقاء للتسامر والأكل، بل تحولت إلى «وجبة» سياسية بامتياز، تحظى بأهمية خاصة، وتمثل مقياسا لشعبية بعض السياسيين والوجهاء والمتنفذين، ومناسبة للتكتلات والأحزاب لجمع أنصارها ومؤيديها.
«الليلة عندنا غبقة» شعار يرفعه وزراء ونواب سابقون وحاليون ومرشحون لمجلس الأمة وشخصيات عادية، والهدف جمع اكبر عدد من المواطنين حولهم، لزيادة الرصيد الشعبي وتعزيز مكانتهم الاجتماعية، وينتظرون شهر رمضان المبارك من اجل استعراض حظوتهم، وتكريس صورتهم أمام الرأي العام، وبيان قوتهم من خلال حجم الحضور.
وتمتلئ الطرق والساحات بالدعوات اللافتة الى هذه الغبقات، ولعل البعض أدرك أن السر الحقيقي في كسب رضا وتأييد المواطنين لهم يكمن في مخاطبة بطونهم كما يحصل في الانتخابات، عندما تقام المآدب الكبيرة ودعوات العشاء للفوز بحضور كبير يأخذه المرشح كورقة اعلامية رابحة لتخويف منافسيه، وهو ما يحدث في غبقات شهر رمضان التي يجتمع فيها القاصي والداني لعيون صاحب الغبقة، وتحولت الى مناسبة للتنافس حول حجم الحضور، حتى ان الدعوات الشخصية أضحت فاخرة وتشبه دعوات الاعراس، على اعتبار أن ايسر وسيلة للوصول الى المواطن وكسب تأييده تكون عبر بطنه وصولا الى عقله انطلاقا من مقولة «من غبقته الناس حبته»! وأمست غبقات الشيوخ والوزراء والنواب والمسؤولين فرصة للتكسب السياسي والتنافس الاعلامي، تدعى إليها كل الاطياف، فما ان تدخل القاعة التي تقام فيها «الغبقة» إلا وتصطدم بطابور كبير من المواطنين والساسة والاقتصاديين ورجال الاعمال وأعضاء السلك الدبلوماسي، لتحية الشخصية الداعية، وتكاد تكون الغبقة استمرارا للسجال السياسي، ومن خلالها يمكن قراءة بعض المواقف السياسية بين مختلف الاطراف، بواسطة سجل الحضور والغياب، والبدء في التأويل، لماذا لم يحضر فلان، ولماذا حضر، وكم بقي من الوقت، ومن كان يرافقه، والفرق أنها تبقى خالية من التصريحات، إذ تكتفي جميع الاطراف بالصور، وتوزيع الابتسامات... لتسهيل عملية الهضم!