الغلطة التاريخية

نشر في 09-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 09-02-2009 | 00:00
No Image Caption
 أ.د. غانم النجار منذ أن صدر الدستور عام 1962، كانت ومازالت، حالة الصراع محتدمة بين اطراف في الحكم رأت في تلك الوثيقة «غلطة تاريخية» من الواجب اصلاحها، وبين قوى سياسية وشعبية رأت فيه عقدا اجتماعيا استقر عليه الكويتيون ومن غير الجائز نقضه او افراغه من محتواه.

وبين هذا وذاك، وفي اطار هذين المفهومين المتناقضين دارت علينا الدوائر، وانطلاقا من هذا المفهوم «الغلطة» شهدنا محاولات متكررة من السلطة لتصحيحها، وافراغ الدستور من محتواه. فتارة بدعم عناصر هزيلة للمجلس، وتارة باستخدام اغلبية لاصدار قوانين مناقضة للدستور عام 1965، وتارة بحل المجلس البلدي للعبث بـ200 مليون دينار كانت قد خصصت للتثمين عام 1966، وتارة بتزوير مباشر للانتخابات عام 1967، وتارة بانقلاب مباشر على الدستور بحل مجلس الامة وتعليق بعض مواده، وتارة بتشكيل لجنة النظر في تنقيح الدستور عام 1980، وتارة بتعديل الدوائر الانتخابية من عشر دوائر الى خمس وعشرين دائرة لتمرير تنقيح الدستور، وبعد الفشل تقديم مشروع تنقيح الدستور للمجلس «ابو الخمس والعشرين دائرة»، وتارة بانقلاب ثان على الدستور عام 1986، وفرض الرقابة المسبقة على الصحافة، وتارة بخلق المجلس الوطني في يونيو 1990، والذي كان يمثل النموذج الامثل لتصحيح الغلطة التاريخية.

وفي اطار وحيثيات وممارسات تلك «التارات»، لا بأس من ان نقول إنه كانت تتم عملية افساد وتخريب للنظام السياسي برمته، وبالتالي اضعافه، واحالته الى غرفة الانعاش. وتظل رغم تقدم العمر بممارستنا الدستورية، لكن مفردات كالحل غير الدستوري او الانقلاب على الدستور مازالت حاضرة وموجودة ومستخدمة حتى يومنا هذا.

ومع اقرارنا بالضعف الواضح في الادارة الحكومية، وانعكاس ذلك على ضعف المجلس، الا ان وجود المجلس على الرغم من كل ما يقال عنه، فهو افضل من عدم وجوده، وبالمقابل فإن استمرار استخدام نغمة «الحل غير الدستوري»، والتصرف على اساسها هو الآفة، التي ستلد وتكرر الازمات.

مسلسل «ازمة تلد اخرى»، الذي يعرض على شاشات كل دور العرض والطول الكويتية، ليس الا نتاجا لسلسلة طويلة من الممارسات، ولن يستقيم الحال الا بإعادة تأسيس ذهنية جديدة تعتبر ان الدستور هو القاعدة التي ننطلق منها جميعا حكاما ومحكومين، ولا تراجع عنها، ثم تبني بعد ذلك المبادرات التي قد تخرجنا من حالة الاحتقان، والتردي، والتراجع، التي نتحمل كلنا المسؤولية عنها.

back to top