أيهما أخطر الانهيار المالي أم المجتمعي؟!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
لكنني في المقابل، فلست أقف مع من ينادون اليوم بتعليق التداول في البورصة على سبيل المثال، ولا من ينادون بضخ الأموال فيها هكذا من دون وعي لحسابات ومآلات الأمور. البورصة ليست محلا لبيع الدواجن ليتم إغلاقه ومعاودة فتحه هكذا، كلما مرض الدجاج أو ارتفع سعر البيض! مشكلتنا نحن الشعب الكويتي، أننا صرنا أسرى لعقدة الرعاية الحكومية. بالنسبة لنا يجب على الحكومة أن تؤمن لنا السكن والوظيفة وألا تحاسبنا على قلة الإنتاجية وأن تعطينا قرضا للزواج وكهرباء وماء بسعر مخفض، أو ربما بلا سعر، وبطاقة تموينية، وعليها كذلك أن تسقط قروضنا كلما استقرضنا، وأن ترفع من مستوى البورصة وتضخ فيها المال كلما انخفضت، بل ربما حتى أن تهب لتعالج اخفاقات المخادع ومشاكل الفحولة، حتى أصبحنا شعبا لا يشعر بالمسؤولية، لا تجاه بلده، ولا حتى تجاه قراراته الشخصية كمثل أن يحمل على ظهره قرضا بعشرات الآلاف من الدنانير ليغامر بهذا في المال في البورصة، وهو لا يعرف عن الاستثمار شيئا!أرجو ألا أُتهم بأني صرت من المدافعين عن الحكومة، فسجل مقالاتي الحافل بانتقاد سوء أداء حكوماتنا المتعاقبة وتخبطها حتى الساعة كاف لأن يشهد لي، ولكنني وكفرد من الشعب الكويتي أجد اليوم أن من الواجب علي أن أشارك بتحمل مسؤولية انهيارنا المجتمعي بالاعتراف بأننا صرنا نعاني «ثقافة اللامسؤولية»، وثقافة الاتكاء المطلق على الرعاية الحكومية حتى تنقذنا من المشاكل كلها، بما فيها مشكلات هي من كسب أيدينا.يتعين علينا أن نفيق من هذا النوم العميق، ونبدأ بالمشاركة الفعلية الجادة في صنع مسار معيشتنا وأسلوب حياتنا، فزمن الرخاء والرعاية الحكومية الأبوية لن يستمر، حتى إن ضغطنا عليها سياسيا فلن تستطيع لأن العالم بأسره يتغير، والوضع أصعب بكثير من قدرتها وقدرة أي حكومة في عالم متلاطم أصبح لا بقاء واستمرار لأي شعب فيه، إلا لتلك الشعوب المنتجة الفاعلة المشاركة في كتابة صفحات حياتها بيدها!