نهاية جريدة عظيمة

نشر في 28-03-2009 | 00:00
آخر تحديث 28-03-2009 | 00:00
 أ.د. غانم النجار صدرت يوم أمس الجمعة النسخة الورقية اليومية الأخيرة لجريدة كريستيان ساينس مونيتور الاميركية، بعد استمرار صدور زاد على القرن بالتمام والكمال.

وتعد «المونيتور» واحدة من أعظم وأهم الصحف الأميركية، فقد حصلت على 7 جوائز بوليتزر، وهي أعلى جائزة صحافية أميركية. واشتهرت «المونيتور» بالاتزان، والعمق في التحليل، والتميز في الموقف، والابتعاد عن الاستقطاب السياسي، والمهنية العالية، حتى غدت نموذجا ومثلا يحتذى.

ومع كل هذا التراث العظيم في خدمة الكلمة، والحرية، والمعلومة، فإنها تعرضت لخسائر مالية حادة في السنوات الاخيرة، إذ بلغت هذا العام فقط قرابة الـ19 مليون دولار، وانخفض عدد قرائها الى دون الـ50000. وستصدر «المونيتور» نسخة ورقية اسبوعية حتى شهر اكتوبر القادم، ومن ثم نهاية عهدها بالورق. ومن ثم تتحول «المونيتور» الى موقعها على الإنترنت، الذي يزوره في الوقت الحاضر ما يزيد على مليوني متصفح.

وبالطبع فإن خطوة «المونيتور» هي ليست الاولى بين الصحف الاميركية، نظرا إلى الخسائر الفادحة، وانخفاض عدد قراء الشكل الورقي للصحف، إذ كان آخرها منذ اسبوعين هو توقف جريدة سياتل بوست انتلجنسر (بي آي) عن الصدور بشكل ورقي نهائيا، بعد استمرارية صدور لما يزيد على 146 عاما. وهي كذلك لجأت الى الانترنت توفيرا للمصاريف.

وتستهلك مصاريف الورق والطباعة والتوزيع ما يتراوح بين

الـ60 و70 في المئة من تكاليف اصدار الجريدة الورقية، مما يعني توفيرا كبيرا في المصاريف، ويضاف الى ذلك ارتفاع دخل الإعلان عن طريق الانترنت، ما يعني ان التوجه الى الانترنت هو بالدرجة الاولى له مبررات اقتصادية، الا أن الامر لا يقتصر على ذلك، فهناك امكانية تزويد القارئ بمعلومات اكثر، واسرع أخذا بالاعتبار تطور اجهزة الهواتف النقالة لكي تستقبل المعلومات بطاقة اكبر وافضل، بما في ذلك الوسائط السمعية والبصرية.

وربما يضاف الى ذلك انه مع تزايد هذا التوجه نحو الانترنت والتخلي عن الصيغة الورقية، فإن ذلك قد ينعكس على سوق الورق ذاته، والتقليل من قطع الاشجار، ومصادر الورق، مما قد ينعكس تدريجيا على البيئة، ومزيد من الحفاظ على الغابات وبالتالي التأثير على ظاهرة الاحتباس الحراري، وان كان ذلك الامر قد يأخذ وقتا.

ومع كل تلك المبررات فإن اختفاء جريدة عظيمة كالمونيتور من الاكشاك ومنافذ البيع، يظل امرا يدعو إلى التأمل وشيء من الأسى، ويدعونا إلى التفكير مليا في طبيعة الفرص التي خلقتها، ومازالت تخلقها تكنولوجيا الاتصالات، وهي مسائل تتجاوز خيالاتنا بمراحل.

ويبدو ان المسائل لدينا في الكويت تسير عكس العالم تماما، فخلال عام واحد زاد عدد الصحف الورقية بما نسبته 200 في المئة، وكان لافتا ان آخر صحيفة يومية صدرت كانت هي اول صحيفة تتوقف عن الصدور لأسباب مالية، ومن المتوقع أن تتوقف 3 صحف اخرى عن الصدور قريبا، لأسباب مختلفة ويلعب الجانب المالي، وربما السياسي ادوارا متباينة في توقفها، والمشكلة انها ستتوقف تماماً، ولن تكون على الإنترنت ولا غيره.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top