Ad

لسنا عبيداً لأميركا، ولسنا سدنة لإيران ونظامها، هذه حقيقة يجب أن يدركها ويعيشها كل كويتي شريف، نحن حلفاء لواشنطن نعم، ولكن حلفاء أحرار نملك قرارنا ونتخذ من المواقف السياسية ما ينسجم مع مصالحنا، نحن جيران لإيران النووية القوية... نعم، ولكن جار قوي أيضاً، بإرادة وتماسك شعبنا وامتدادنا الخليجي والعربي.

يصرح مسؤول إيراني بأن بلاده ستُغلق مضيق هرمز، ويقول آخر إن طهران ستحرق المنطقة إذا تعرضت لاعتداء حتى لو انطلق من جزر «الواق واق»، ثم يعلن نائب وزير الخارجية الإيرانية قبل أيام أن الأنظمة الحاكمة في الخليج تعيش أزمة «شرعية»، وأنها سبب كوارث وأزمات المنطقة.

وقبل ذلك، تهاجم سفارتنا في طهران ويُعتدى على أحد ديبلوماسيينا، في ما مصير المواطن الكويتي «الفضالة» المفقود في إيران مازال مجهولا وبلا إجابات شافية من المسؤولين هناك.

بعد هذا كله، أي سياسة يريد منا بعض الإخوة في الداخل أن نتعامل بها مع الجارة إيران، على خلفية تصريح وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح الأخير بشأن إغلاق مضيق هرمز، وكأن الشيخ محمد قال في حق إيران ما لم يقلْه «مالك في الخمر».

بعيدا عن «لعنة» الطائفية التي باتت تكتم أنفاسنا، ويتهمنا بها المرضى عند تناول أي قضية ذات تداخل سني- شيعي، نقول إن ايران لا تستحق «المناصحة» و«المصارحة» التي قدمتها لها دول الخليج وعلى رأسها الكويت طوال الفترة الماضية، بل إنها ليست «كفوءة» أصلا للتأكيدات الخليجية بأن دول التعاون لن تسمح باستخدام أراضيها في أي هجوم ضد إيران، لأن طهران لم ولن تدرج هذا الموقف الخليجي إلا في إطار «الخنوع والضعف»، كونها لا تفهم سوى هذه اللغة للأسف الشديد في تعاملها مع جيرانها.

الشيخ محمد لم يقلْ ما يستحق ذلك الهجوم، والانتقاد غير المبررين من قبل النائب الشيعي حسين القلاف أو الإعلامي السني جاسم بودي، فالشيخ محمد كان في طهران قبل أسبوع من إطلاق تصريحه، وهو على معرفة تامة بما يدور على صعيد ملف إيران النووي، هذا عدا أن التصريح لم يحمل في طياته ما يعتبر ممارسة سياسية أكبر من حجم الكويت، إلا إذا كان القلاف وبودي يريدان تقزيمنا فهذا موضوع آخر. فهما، وعلى ما يبدو، يستكثران علينا حتى أن نتوجع أو أن نقول «آه»، أو أن نعبر عن مخاوفنا مما يحيط بنا من أخطار.

في موازين ومعادلات القوى والتحالفات، العلاقة مع أميركا أهم بالنسبة لنا مليون مرة من إيران ونظام ملاليها، لكن ذلك لم يمنع بعض الساسة الكويتيين، وعلى رأسهم الشيخ محمد، من انتقاد بعض السياسات الأميركية، وبشدة أحيانا، سواء على صعيد الصراع العربي-الإسرائيلي، أم الوضع في العراق، وكذلك في الحرب على الإرهاب وحقوق الإنسان، فلماذا لم يصرح القلاف أو بودي بأن الشيخ محمد يعرِّض أمن وسلامة الكويت وعلاقاتها الاستراتيجية ومصالحها للخطر؟! أم أن إيران حالة مختلفة؟!

لسنا عبيداً لأميركا، ولسنا سدنة لإيران ونظامها، هذه حقيقة يجب أن يدركها ويعيشها كل كويتي شريف، نحن حلفاء لواشنطن نعم، ولكن حلفاء أحرار نملك قرارنا ونتخذ من المواقف السياسية ما ينسجم مع مصالحنا، نحن جيران لإيران النووية القوية... نعم، ولكن جار قوي أيضا، بإرادة وتماسك شعبنا وبامتدادنا الخليجي والعربي، ولعل تذكير وزير الخارجية المصري أبو الغيط للمسؤولين في طهران قبل يومين بأن «الخليج ليس بحيرة إيرانية... وأن مصر هي العمق الاستراتيجي لدول الخليج»، دافع لنا للابتعاد عن سياسة الخنوع الذي يريد بعضنا أن نتقمصها ونعيش في جلبابها.

أطراف كويتية كثيرة تدخلت في صراعات المنطقة، خصوصا في العراق وفي الجنوب اللبناني، إما لأسباب إيديولوجية وإما لمصالح اقتصادية، ولم يتجرأ أحد أن يقول لها إنها تلعب دورا أكبر من حجمها، ولكن عندما تعلق الأمر بالشيخ محمد وإيران أُخرجت الألسن من المخبأ، وسُلَّت سيوف التأنيب من أغمادها.

على كل لا نريد لإيران الجارة المسلمة أن تتعرض لأي مكروه، في المقابل فإن ما قاله «أبو صباح» في تصريحه بشأن إغلاق مضيق هرمز لا يستحق هذه الضجة كلها، بل ما يستحق أن نتوقف عنده كثيرا، هو ما ذكره السيد القلاف حول أن تصريح الشيخ محمد قد يؤدي إلى موجة من التفجيرات والعنف داخل الكويت، هذا بالفعل هو ما يستحق أن «نثني الركب عنده» وندقق فيه كثيرا وكثيرا جدا.