«قاعة سلوى»... من أكثر القاعات فخامة في شيراتون الدوحة، إذ شهدت القاعة مشاورات شاقة، ووساطة أعضاء اللجنة العربية حول الطاولة المستديرة، الأسبوع الماضي، حتى انطلق اتفاق الدوحة، واضعاً حداً لأيام عصيبة حبس الجميع من خلالها الأنفاس، خوفا على لبنان، الذي ابتلي بأطراف سقطت في وهم القوة، معتقدة أنها تستطيع إسقاط دولة.
اللجنة العربية التي شكلت لحل الأزمة، اجتمعت برئاسة أمين عام جامعة الدول العربية، الوسيط منذ عام 2006، والشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية، واستمرت جلسات الحوار ستة أيام حتى تم الاتفاق بين الفرقاء وانتهت الأزمة وأنهيت فترة طويلة من الفراغ الدستوري، تحت شعار «لا غالب ولا مغلوب».أجواء الاتفاق أعادت إلى ذاكرتي الاجتماع السداسي الذي عقد في الرياض في شهر أكتوبر عام 76، الذي تم بدعوة من الملك خالد رحمه الله وضم قادة الكويت الذين كان دورهم تنسيقيا فاعلا لعقده، وبحضور سورية ولبنان ومصر ومنظمة التحرير الفلسطينية والمملكة العربية السعودية، بعدها انعقد مؤتمر القمة الثامن في القاهرة، وتم تشكيل اللجنة الرباعية لمتابعة تنفيذ القرارات ممثلة بالكويت ومصر وسورية والسعودية. بحث الاجتماع حينها الحرب الأهلية وسبل حلها... ومن قراراته وقف إطلاق النار والاقتتال نهائيا في كل الأراضي اللبنانية، والتزام جميع الأطراف بذلك، وتوجيه الحملات الإعلامية لما يكرس وقف القتال وتحقيق السلام وتنمية روح الإخاء بين الأطراف.وعودة إلى أزمة لبنان هذا العام، فقد أُنهكت جميع الأطراف وشعار «لا غالب ولا مغلوب» تذكره اللبنانيون جيدا، عندما اصطدم مشروع حلف بغداد في الخمسينيات بمشروع عبد الناصر، وانتهى الأمر باختيار رئيس محايد من المؤسسة العسكرية.أزمات كثيرة أدخلت الجميع في معادلة حماية كيان الدولة، والخوف من الحرب التي يمكن وصفها بإقليمية الجذور ومحلية الأسباب، وبعد اتفاق الدوحة أقول هنيئا لهذا البلد استقراره ومرونته، وأتذكر شعاراً لبنانياً أضحكني يقول «نريدها... حكومة مواجهة الأمر الواقع».***أختتم مقالي بكلمات تهنئة واعتذار من كل من وجّه إليّ دعوة خلال الأيام الماضية لحضور مناسبات «انتخابية»، فقد منعتني عملية جراحية بسيطة سببها «وجع ضرس» عن الكلام، وأدركت وقتها أهمية «الصوت» في عالم السياسة.وكلمة مبروك أقولها لمن حالفهم «اقتراع الناخبين واختيارهم»... وأقول لمن اقترب من الفوز: استعدوا للانتخابات القادمة، ومبروك أيضا للسلطة التنفيذية بجميع أعضائها، خصوصاً الوزيرتين الدكتورة موضي الحمود والأستاذة نورية الصبيح، وكلمة أهمسها في أذن الوزراء الجدد: مازال مسلسل هروب الكفاءات من الوظائف العامة مستمراً حتى أصبحت بعض المؤسسات تقايض موظفاً يمتلك سنوات من الخبرة، «بدرزن» من الخريجين الجدد، فتنفتح بذلك الأبواب على مصراعيها لخروج الكفاءات.كلمة أخيرة: أحزنني تجاهل النواب للحادث المؤسف الذي تسبب بوفاة الأطفال الخدج في مستشفى الصباح، وانشغالهم بالترقيات التي نالها موظفو الوزارة.
مقالات
اتفاق الدوحة وحكومة الأمر الواقع
03-06-2008