حمل لواء المسرح الهادف وطالب بتعليم المرأة سعد الفرج: مناضل لم تنهكه الحروب!

نشر في 16-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 16-09-2008 | 00:00
يعد القدير سعد الفرج أحد رواد الحركة الفنية في الكويت ومنطقة الخليج، يزخر سجله بالإنجازات الدرامية والمسرحية، أبدع في مجال السينما من خلال المشاركة في ثلاثة أفلام مهمة من بينها: «بس يا بحر». رافق عبدالحسين عبدالرضا وعلي المفيدي والراحلة مريم الغضبان في بداياتهم الفنية وشكلوا جميعاً حجر الأساس في بنية الدراما الكويتية المعاصرة.

شغل الفرج منصب رئيس قسم الدراما في تلفزيون «الكويت» بين عامي 1962 و 1984 ويعمل راهناً مستشارا للدراما في التلفزيون. كتب مسرحيات عدة، وقدم أعمالا درامية كثيرة في الإذاعة والتلفزيون، كذلك شارك في كتابة وتمثيل عدد من الأفلام.

حمل على عاتقه مسؤولية طرح المواضيع السياسية والاجتماعية الحساسة في أعماله، إيماناً منه بأن الفنان مرآة مجتمعه. يعتبر من أوائل المنادين بحقوق المرأة وناقش قضايا ما زالت شائكة من بينها المساواة بين المرأة والرجل، عبر مسرحية «عشت وشفت» (1964) التي تمحورت حول قضية مساواة المرأة بالرجل في التعليم، وهي مستوحاة من أحداث اجتماعية وجدل ثقافي وفكري دار بين الناس في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، حين فتحت المدارس أبوابها للذكور فحسب من دون الإناث. ناصر المرأة في مسرحيته وبيّن المخاطر التي يقع فيها المجتمع إذا تجاهل تعليمها وتركها سجينة المنزل.

اختار المخرج الأميركي جون جيري مسرحية «عشت وشفت» لعرضها في ولايتي نيودلهي الهندية وكنتاكي الأميركية عام 1980 وبذلك أصبحت المسرحية عملاً إبداعياً لا يحده زمان ولا مكان. يذكر أن الفنان غانم السليطي تناول القضية ذاتها في مسرحية «زلزال».

الابتعاد عن المسرح السياسي

ابتعد الفرج عن المسرح أخيراً، وبرر ذلك بأن المسرح خُلق ليكون متنفساً للحريات والآراء المنفتحة وعندما يفقد تلك السمة وذلك المناخ فلا جدوى منه، ويعتبر مضيعة للوقت، مؤكدا أن المسرح الحقيقي مغيب وغير مدعوم، لكنه استطرد بالقول: «ما زالت هنالك محاولات لاستعادة المسرح، تتمثل في المهرجانات النوعية وبعض التجارب الفردية وبعض إنتاجات الفرق الأهلية الكويتية». كذلك أشاد بالمخرج الكويتي الشاب سليمان البسام الذي استطاع ببراعة أن يقرأ الأدب الإنكليزي ويعربه.

الدراما الكويتيّة

يرى الفرج أن الدراما الكويتية استطاعت أن تسبق مثيلاتها بالنسبة إلى دول المنطقة، وأن الكويت تعتبر من أوائل الدول التي استقدمت رواد المسرح من الوطن العربي وأنشأت الفرق الأهلية والمسرحية وافتتحت المعهد العالي للفنون المسرحية. كذلك يؤكد أن الدراما الكويتية لم تتأخر يوماً، بل هي في تطوّر مستمر، مستشهداً بأعمال كثيرة تبث على شاشات الفضائية، ومنوهاً بجيل الشباب الذي يحمل في طياته مواهب فنية متنوعة.

الفريج القديم

عاش الفرج سنوات الطفولة في أحد «فرجان» منطقة الفنطاس، التي نشأ وترعرع فيها، ولم يغادرها حتى بعدما كبر وأصبحت له حياته المستقلة. يقول عن تلك الحقبة: «ليست الفنطاس منطقة عشت فيها فحسب، بل ترتبط بذكريات حميمة، ففيها عملتُ وكسبتُ أول لقمة من عرق جبيني. لن أنسى المرح البريء في سنوات الطفولة، التجوّل بين البيوت في ليالي رمضان لطلب «القرقيعان». كنا نستمتع برحلات البحر والصيد نظراً إلى وقوع الفنطاس بمحاذاة البحر».

أسرة متماسكة

ينتمي الفرج إلى أسرة مترابطة، شجعته على تحمّل الأعباء والاجتهاد في العمل للوصول الى مبتغاه. طمح إلى إكمال تعليمه الأكاديمي وإشباع رغبته في حب الفن والتمثيل في الوقت ذاته. بدأ حياته المهنية ببيع تذاكر المسارح، للحصول على قوت يومه، ثم انتقل إلى تعلّم الفن وعكف على القراءة وكتابة الأعمال الفنية. سافر الى الولايات المتحدة الأميركية لإكمال تعليمه وتطوير مهاراته الفنية. آمن منذ بداية انطلاقه أن الفن الحقيقي يساهم في تطوير المجتمع ويحمل رسالة هادفة. يظهر ذلك من خلال النصوص الدرامية والمسرحية التي مثلها أو ألّفها.

مؤهلاته العلمية

حصل الفرج على شهادة بكالوريوس في الإخراج والإنتاج التلفزيوني من الولايات المتحدة الأميركية (1974)، تابع دورة في معهد الاذاعة البريطانية B.B.C في التخصص ذاته (1969)، حصل على دبلوم في الإخراج والإنتاج التلفزيوني من كولومبيا (1973)، دبلوم في الإخراج المسرحي من «لوس أنجليس سيتي كلوج» في الولايات المتحدة (1974)، بكالوريس في الإخراج والإنتاج التلفزيوني من كولومبيا ( 1974).

المناصب الوظيفية

تقلد الفرج عدداً من المناصب القيادية بدأها في وزارة الاشغال العـــامة (1956 - 1960)، وانتـــــــدب لمدة عام الى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل (1960)، ومن ثم عمل كرئيس لقسم الدراما في تلفزيون «الكويت» (1962 -1984)، يعمل راهناً مستشارا للدراما في تلفزيون الكويت ويتولى إدارة مؤسسة خاصة للإنتاج الفني.

التواصل الاجتماعي

يحرص الفرج على التواصل الاجتماعي على الرغم من أشغاله ومهامه الكثيرة، يقول في ذلك: «متعتي الحقيقية في البقاء بين أبنائي وأحفادي، فهم زينة الدنيا ومصدر السعادة». يتمتع بالإرادة الصلبة حتى بعدما وصل إلى هذا العمر المديد، ما زال يعطي ويقدم الكثير.

أعماله

كتب الفرج عدداً من المسرحيات من بينها «أنا ماني»، «استارثوني، «أنا حي»، «عشت وشفت»، «الكويت سنة 2000 «، «بني صامت»، «ضحية بيت العز»، «دقت الساعة»، «حامي الديار»، «هذا سيفوه»، «مضارب بني نفط»، «جنون البشر»، «قطع غيار»، «صنطرون بنطرون»، «على هامان يا فرعون»، «حرم سعادة الوزير»، «ممثل الشعب»، وقدم أعمالاً درامية كثيرة للتلفزيون والإذاعة منذ عام 1962 وحتى وقتنا الراهن.

في مجال السينما ساهم في كتابة وتمثيل أفلام: «الرحلة القصيرة»، «بس يابحر»، «سدرة». كذلك شارك في عدد من المهرجانات والملتقيات والندوات المسرحية، داخل الكويت وخارجها. قدم عدداً من المسلسلات التلفزيونية من بينها: «محكمة الفريج»، «درب الزلق»، «الأقدار»، «سوق المقاصيص»، «مذكرات طواش»، «بلا هوية}، «مسك وعنبر»، «الدروازة».

جديده في رمضان

يشارك الفرج في رمضان الجاري في مسلسل «مسك وعنبر» إنتاج مسرح السلام، وهو عبارة عن خلطة سياسية اجتماعية كوميدية هادفة، يتكون من ثلاثين حلقة منفصلة، بمشاركة مجموعة من أبرز النجوم من بينهم: عبد العزيز المسلم، عبير الجندي، مرام ، أحمد بدير، مشعل الشايع، محمد الشويعي، انتصار الشراح، خالد أمين، جاسم النبهان، ابراهيم الصلال، زهرة عرفات، إلهام الفضالة، هبة الدري، يوسف الجراح، إيمان القصبي، حنان الصالح ، مي البلوشي وغيرهم.

الجوائز

   نال الفرج مجموعة من الجوائز والأوسمة من بينها: «المواطنة الفخرية» من ولاية كنتاكي في الولايات المتحدة (1981) لمناسبة مرور عشرين عاما على إنشاء تلفزيون «الكويت»، ميدالية وشهادة تقدير من وزير الإعلام (1981) لمناسبة مرور عشرين عاما على إنشاء تلفزيون «الكويت». حصل كذلك على درع من نادي اليونسكو في جامعة الكويت بعد إلقائه محاضرة عن المسرح في أحد المواسم الثقافية للجامعة، درع وشهادة تقدير أخرى من المسرح العربي الكويتي (1977)، وسام لمناسبة «يوم المسرح العربي» (1980)، جائزة «سلطان العويس» من دولة الامارات العربية المتحدة (1997)، جائزة مهرجان «الرواد العرب» الأول الذي ترعاه الأمانة العامة لجامعة الدول لعربية (1999)، وغيرها من الجوائز الفخرية.

back to top