إسرائيل... والعلاقات مع إيران!
حتى قبل تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي بغض النظر عمن سيشكلها فإنها ستلد وأنيابها تقطر دماً وعيونها تقدح شرراً، فإنه لابد من الاهتمام ولابد من التركيز على مستقبل العلاقات بين إيران وإسرائيل في ظل أي حكومة سينتجها هذا الخليط، الذي كله يقف على أرضية واحدة، وهل الصدام العسكري سيكون حتمياً أم ان الطرفين سيجدان لغة مشتركة للتفاهم ولتجنب الخيارات الصعبة؟ إذا جاء تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي مهما طَلَتْ وجهها بالمساحيق والأصبغة فإنها ستبقى حكومة قتلة ومصاصي دماء، من نصيب بنيامين نتنياهو، فإنه لابد من استذكار ماضٍ عمره نحو اثني عشر عاماً، حيث كان هذا اليميني المتطرف قد استعاد قنوات الاتصالات الخلفية مع إيران التي كان أغلقها رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين، المعروف عنه أنه لإقناع الإسرائيليين بضرورة الاتجاه سلمياً نحو العرب ركز على ان طهران «الثورة» هي التي تشكل المقتل الاستراتيجي لإسرائيل، وأنه من أجل هذه الغاية رفع شعار: «الشرق الأوسط الجديد» الذي لا مكان فيه لدولة الولي الفقيه الخمينية.
كانت وجهة نظر مستشاري نتنياهو، الذين معظمهم من أصول إيرانية، أنه لاستكمال خنق العراق ولتقاسم النفوذ في هذه المنطقة بعيداً عن العرب واستثناء أي دور لهم لابد من استعادة تفاهم حرب الخليج الأولى، إذ بلغ الاهتمام الإسرائيلي بدولة ما بعد انتصار الثورة الإسلامية حدّ تزويدها بالسلاح مباشرة وحد الضغط على الولايات المتحدة، لمدها بما تحتاج إليه من ذخائر وأسلحة متطورة ضرورية لمنع انهيارها لبديل سيكون حتماً من حلفاء الاتحاد السوفييتي، الذي كان لايزال في ذلك الوقت على قيد الحياة ولم ينهر بعد. فهل ان بنيامين نتنياهو، في حال يرسو عليه «عطاء» تشكيل الحكومة الجديدة ويشكلها فعلياً، سيعود إلى ما كان نصحهُ به مستشاروه في عام 1996 عندما كان رئيساً للوزراء، ويفتح قنوات التفاهم الخلفية مع طهران ليكون اللاعبون في هذه المنطقة ثلاثة فقط هم: إيران وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية؟! لاشيء مستغرباً على الإطلاق وفي السياسة كل شيء جائز، لكن ومع استبعاد أي احتمال فإنه لابد من تقدير هذا الموقف على أساس مستجدين مهمين هما،الأول: ان عراق اليوم هو غير عراق الأمس، وأن هذا العراق الجديد بات لا يشكل أي خطر على إسرائيل في المدى المنظور على الأقل. الثاني: ان عامل تطور القدرات النووية الإيرانية بات يشكل عقبة كأداء بالنسبة الى أي تفكير بالعودة الى فتح القنوات السرية الخلفية مع طهران، وهذا معناه ان أي مسؤول إسرائيلي في هذه المرحلة المستجدة لن يكون بإمكانه القفز من فوق هذه العقبة، حتى وإن راودته فكرة ضرورة إقصاء العرب عن المعادلة المستقبلية لهذه المنطقة، ليصبح اللاعبون ثلاثة فقط هم إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأميركية.