رمضان موسم الشيوخ الأهم

نشر في 03-09-2008
آخر تحديث 03-09-2008 | 00:00
 أحمد عيسى دخل علينا شهر رمضان المبارك، وهلت بشائره مع تنبيه أول رسالة إلكترونية عبر الهاتف النقال، لتبلغنا أن فلانا ابن فلان يبارك لكم بالشهر وعساكم من عواده، هكذا بلغة الجمع لأن الرسالة بكل بساطة معممة، أرسلها صاحبها لتصل إلى من هم على قائمة الأسماء المخزنة في هاتفه النقال، ذكورا وإناثا، أصدقاء كانوا أو أقارب وزملاء.

شهر رمضان المبارك، تحول من ركيزة دينية تهدف لتعزيز القيم الروحانية، وتعميق صلة الإنسان بخالقه، ومناسبة يتساوى فيها الجميع حينما يصومون عن المأكل والمشرب، بهدف تهذيب النفس، والإحساس بالمحرومين والمعوزين، نجده تحول إلى موسم اجتماعي من الطراز الأول، يبدأ برسائل هاتفية تؤكد أننا لانزال محافظين على مواقعنا في الهواتف النقالة لمرسليها، تعقبه حلقات التجمع والالتقاء بالمعارف والأصدقاء والأقارب، ويُختتم بحزم الحقائب للاحتفال بمتعة العيد بعيدا عن هذه الديار.

إعلاميا، سنشهد هجمة برامج دينية مكثفة، وسيطل علينا مشايخ جدد جنبا إلى جنب مع زملائهم المخضرمين، همهم الأساسي تذكيرنا بالدين، وتسويق العبادات، كلٌ وطريقته، كما سيدفعنا تكرار نفس الأسئلة في برامج الإفتاء حول المفطرات، على التساؤل عن جدوى المناهج الدينية التي يدرسها الطلبة من الأول الابتدائي حتى الثانوية العامة، ناهيك عن تعمد خلط عدد من المشايخ السمن بالعسل، بهدف التسويق للجان خيرية معينة أو مهاجمة الخصوم، فيضع الليبراليين مع العلمانيين والملاحدة والكفار والنصارى واليهود بكفة واحدة، كونهم جميعا أعداء للإسلام، وينسى أن الأعداء يحتمون تحت عباءة الدين.

هناك شيوخ؛ يعتاشون على بيع الدين، ويعلمون أن موسم رمضان يعني تحقيق ثروة تمكنهم من الصمود حتى العام المقبل، فتجد بينهم من يقدم أكثر من برنامج في التلفزيون والإذاعة محليا وخليجيا، كلها تحمل نفس المضمون، وللعلم فإن تلفزيون الكويت الرسمي يملك أربع قنوات، بينها قناة إثراء المخصصة للبرامج الدينية، إلا أنه مع ذلك فضّل عرض تسعة برامج دينية على القناة الأولى (اعتُمدت وفقا لمبدأ الكوتا لمختلف التجمعات السياسية الدينية)، فقط لأن الشيوخ يرغبون بتحقيق أعلى نسبة مشاهدة، وهو ما تحقق في الجهاز الرسمي للدولة.

والشيء بمثله يذكر، نبارك للتلفزيون توقيعه مع الشيخ مشاري الخراز عقدا حصريا لبرنامج «كيف تتلذذ بالصلاة»، ليعرضه ظهيرة كل يوم، وهو بالمناسبة ما سبق أن توقعته في مقال يوم 23 يوليو الماضي، وشكك فيه البعض باعتباره دخولا في النوايا.

عاد شهر رمضان المبارك، ليذكرنا بأن صلة الرحم وفعل الخير والإكثار من الصلاة، جميعها كما الأطباق الرمضانية لا تقدم إلا خلال هذا الشهر، بحسب فهم البعض منا، رغم أننا نعيش في دولة إسلامية، ويسيطر ساسة دينيون على معظم مناحي الحياة فيها، لكننا مع ذلك، نقصر الالتزام على هذا الشهر، لنعود بعده كما كنا، إن لم نكن أسوأ، ومبارك عليكم الشهر.

back to top