التقط الكاتب الإيراني المعارض أمير طاهري في مقال له في «الشرق الأوسط» حقيقة ان اسم فلسطين لم يرد في اسم «حماس» التي اسمها كاملاً هو «حركة المقاومة الإسلامية»، واستشف من هذه الحقيقة موقفاً سياسياً هو الموقف الذي اخْْتطته هذه الحركة لنفسها منذ إنشائها في عام 1987، ولا تزال تتمسك به وتتصرف على أساسه.
وربما ان هذا الكاتب الكبير يعرف، ولكنه لم يتطرق الى هذا، أن هناك تنظيماً إسلامياً آخر هو «حركة الجهاد الإسلامي» لم يرد ذكر فلسطين في اسمه، وهذا يشير الى طبيعة فهم الإسلاميين وخصوصا الإخوان المسلمين للقضية الفلسطينية الذين بقوا يتخذون منها موقفاً محيراً وملتبساً حتى بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في عام 1965. باستثناء التحاق عدد محدود من «إخوان الأردن»، فترة محددة لا تتجاوز بضعة أشهر، بقاعدة لحركة فتح أقامتها لهم في منطقة الشلالة، الى الشمال الشرقي من مدينة إربد، فإن الإخوان المسلمين حتى بما في ذلك التنظيم العالمي قد اتخذوا من الثورة الفلسطينية موقفاً سلبياً، وقد اعتبروها متحالفة مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، الذي كان صراعهم معه دمويا ولم يعرف الهدنة على الإطلاق، وتابعة للاتحاد السوفييتي والأنظمة اليسارية والشيوعية، وهذا ما جعل حركة حماس، التي هي حركتهم، لم تظهر إلا في عام 1987، أي بعد أكثر من عشرين عاماً من انطلاق ظاهرة الكفاح المسلح الفلسطيني. وحقيقة ان المنظمتين الإسلاميتين، حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، ليسا وحدهما اللتين لم يأت أي ذكر لفلسطين في أسمائهما، فمنظمة الأنصار، التي شكلها الشيوعيون الأردنيون والفلسطينيون في بدايات عقد سبعينيات القرن الماضي، والتي لم تعش إلا فترة عابرة، خلا اسمها من أي ذكر لفلسطين، وهذا يعكس فهماً معيناً يقتصر على الأحزاب الشيوعية بالنسبة الى القضية الفلسطينية. ثم إن اسمي التنظيمين «الفلسطينيين» البعثيين قد خلوا من أي ذكر لفلسطين، فالتنظيم التابع لحزب البعث السوري كان ولا يزال اسمه طلائع حرب التحرير الشعبية (الصاعقة)، بينما اسم التنظيم التابع لحزب البعث العراقي هو جبهة التحرير العربية، وهذا أيضاً يعكس فهماً خاصاً اتخذ الطابع القومي الفضفاض للقضية الفلسطينية، مع ان الهدف الحقيقي هو إيجاد موطئ قدم في هذه القضية. وكل هذا في حين ان حركة فتح، التي اسمها الكامل حركة التحرير الوطني الفلسطيني، قد شكلت منذ لحظة انطلاقتها القوة الوطنية لشعب فلسطين، وان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي جاءت كبديل فلسطيني لحركة القوميين العرب، قد شكلت الجناح الآخر للوطنية الفلسطينية، وهذا هو واقع كل التنظيمات التي بدأت كانشقاقات عن هذه الجبهة ومنها الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية - القيادة العامة - وجبهة التحرير الفلسطينية وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني. كاتب وسياسي أردني
مقالات
أسماء ودلائل!
17-03-2009