بين المطيري والمطيري!
تدافع المرشحون للظهور الإعلامي في القنوات التلفزيونية وفي الصحف والمجلات أمر واضح جداً هذه الأيام، لكن المفارقة أن كثيراً من هؤلاء المرشحين، إن لم يكن أغلبهم، لا يدركون أن من الواجب الاستعداد الجيد قبل القفز في هذا البحر المتلاطم.
أذكر في الانتخابات الماضية أن كثيراً من المرشحين استماتوا للظهور في البرنامج الانتخابي الذي قدمه زميلنا محمد الوشيحي باعتبار أنه كان البرنامج الأشهر حينها، لكن المضحك أنهم كانوا كمن ساق نفسه إلى محرقة، فقد رأينا العديد منهم يتعرضون لـ»الشرشحة والبهدلة» والجلد بل والحرق الإعلامي على يد الوشيحي بسرعة بديهته وطغيان حضوره وقوة شخصيته، ليخرجوا من برنامجه بوجوه باردة دون أن يربحوا شيئاً، بل قد خسروا نصف ما دخلوا به أصلاً!منذ أيام تابعت لقاءين متتاليين في برنامجين مختلفين على إحدى القنوات الزميلة لمرشحين اثنين، الأول كان المهندس فهيد عبد الرحمن المطيري، والثاني النائب السابق د. حسين قويعان المطيري. في اللقاء الأول، وبالرغم من أن الرصيد الإعلامي السابق للمهندس فهيد ليس كبيراً، إلا أنه ظهر بشكل متفوق جداً، حيث كان متمكناً من أفكاره، حاضر الذهن واضح الاستعداد. كان قوي العبارة والحضور فتفوق حتى على مقدم الحلقة نفسه. دار الحوار حول إزالة المساجد المخالفة، وكان المهندس فهيد يعتنق وجهة النظر الرافضة للإزالة، لكنه تمكن بالرغم من كل محاولات مقدم البرنامج لإحراجه ومحاصرته من قلب الطاولة من الدقائق الأولى وتسيد الموقف، وبالرغم من كوني لا أتفق معه في أجزاء كثيرة من وجهة نظره، فإنني لا أشك بأنه بعد ذلك الظهور الممتاز قد حصد جماهيرية كبيرة ووضع اسمه على قائمة المنافسين المعتبرين في دائرته الانتخابية.بعده بوقت قليل وعلى القناة نفسها ظهر النائب السابق د. حسين قويعان المطيري في برنامج على طريقة المناظرة مع الدكتور صلاح الغزالي الأمين العام لجمعية الشفافية، والحقيقة أني استغربت كثيراً من الهيئة التي ظهر بها، فبالرغم من معرفتي بقدراته التي لا بأس بها وظني بأنه قد اكتسب خبرة جيدة من خلال تجربته النيابية، كان الإرهاق بادياً عليه، وأفكاره غير مسترسلة، حيث تقطعت كثيراً بفعل كلمة «يعني»، وكان واضحا للمشاهدين أنه لم يبذل وقتاً كبيراً في الاستعداد، فتاه طوال الوقت في تقليب أوراقه بحثاً عن هذه الوثيقة أو تلك دون طائل، لينتهي في زاوية ضيقة حاصره بها مقدم البرنامج بسؤال لم يجب عنه مباشرة وراوغ يمنة ويسرة. وفي المقابل كان الدكتور الغزالي أكثر استقراراً وحضوراً، وبالرغم من أن مقدم البرنامج حاول كذلك إحراجه لأكثر من مرة، فإنه عبر بسلام وثقة، ليخرج باسماً مرتاحاً إلى حد كبير.كتبت عن هذين المشهدين بالذات من باب «الميانة»، فكلا المرشحين من أبناء العمومة الأعزاء، ولثقتي بأنهما سينظران إلى الأمر بشكله المجرد. مرادي من كل هذا القول بأن الظهور الإعلامي مهم جدا، إلى الحد الذي يجعله يلعب دوراً أساسياً في تحريك المرشح من دائرة المنافسة وإليها. صحيح أن أهمية هذا العامل قد تزيد أو تنقص وفقاً لتأثير العوامل الأخرى، لكنها أهمية لا تتلاشى أبداً، بل هي آخذة في التزايد مع تطور شكل الممارسة السياسية في الكويت.بالنسبة لي، وكقاعدة مبدئية، فإن مرشحاً لا يمتلك فكراً متبلوراً، بغض النظر عن هذا الفكر، ولا رؤية واضحة للأمور من حوله... بعيداً عن طبيعة هذه الرؤية، ولا قدرة على التعبير عن نفسه بشكل مقنع، لا يستحق أصلاً أن يكون في قائمة الترشيح، ناهيك عن أن يصوّت له!