يتميز الموسوي بالذكاء العاطفي، وهو علم حديث، لا يعرف معناه مَن يسمون أنفسهم برجال الدين... ففي حين ينشغل الغرب في فلسفة الجمال وعلم الإنسان والذكاء العاطفي ننشغل نحن في علم الكراهية والعداء والبؤس... وننتهز كل مناسبة لتكفير تهنئة غير المسلمين بأعيادهم.
الباحث والكاتب «ضياء الموسوي» حالة نادرة طالما استوقفتني شخصيته المتسامحة وأسلوبه المختلف وإنسانيته الفائضة... فهو شيعي معمم وفي الوقت نفسه ليبرالي مخضرم... انتقده البعض بسبب انتقاده لولاية الفقيه... وانتقاده لإيران في مطامعها لبلده الحبيب على قلبه البحرين.كتاباته تمس شغاف القلب لما بها من حسرة وألم ووصف دقيق للحالة البائسة التي تعيشها شعوبنا عموما والإنسان خصوصا... يعلق في بيته صورة لمارتن لوثر كينج... وأخرى للمسيح لأنه حين ينظر إلى صورته يرى أنه يفتحه «على مساحات من السلام والمحبة، وهو الذي يقول (أحبوا أعداءكم)»... يزور الكنائس ليلقي فيها محاضرات عن التسامح والحب... يدافع عن الأقباط المصريين ويحضر مؤتمراتهم ويساهم معهم في وضع حلول لمشاكلهم كأقلية مضطهدة، ويدعوهم إلى قتال مضطهديهم... شعاره في ذلك «وقاتلوهم بالحب»... مرددا قول الفنان التشكيلي الهولندي رابرنت «لن تكون حياة الناس عادلة إلا إذا كانت طافحة بالجمال». لذلك تميز ضياء الموسوي بالذكاء العاطفي، وهو علم حديث، لا يعرف معناه مَن يسمون أنفسهم برجال الدين... ففي حين ينشغل الغرب في فلسفة الجمال وعلم الإنسان والذكاء العاطفي ننشغل نحن في علم الكراهية والعداء والبؤس... وننتهز كل مناسبة لتكفير تهنئة غير المسلمين بأعيادهم... ونمنع الاحتفالات ونقتل الفرح وهو في مهده... بل ونحرم غير المسلمين من الحصول على الجنسية... وغيرها وغيرها. وهنا تأتي ضرورة غرس قيم الذكاء العاطفي في عقول أطفالنا كونه من أهم متطلبات النجاح في عالمنا الحديث.. فالذكاء ليس عقلا فحسب إنما عقل وعاطفة إيجابية... لا سلبية، وكلما انخفض مستوى الذكاء العاطفي تعمقت المشاعر السلبية كالخوف والغضب والكراهية ... فالعاطفة السلبية تولِّد طاقة سلبية مدمرة... أما العاطفة الإيجابية فتخلق الحياة... وتتأتى هذه الطاقة من خلال علم الذكاء العاطفي الذي يحتوي على مجالات وعناصر مختلفة من ضمنها، حسب خبراء هذا العلم: تعلم القدرات والمهارات في التعرف على مشاعرنا الذاتية ومشاعر الآخرين، والتحكم بانفعالاتنا وإدارة عواطفنا بشكل صحي لنتمكن من إقامة علاقات أفضل مع الآخرين... والأهم من ذلك كله تعلم مهارات التعاطف مع الآخرين. يقول ضياء الموسوي «مَن منا ولد في النجف سيكون شيعيا، ومَن ولد في السعودية سيكون سنيا، ومن ولد في روما سيكون مسيحيا، وما أجمل أن نلتقي على المائدة الإنسانية. هل يمكن أن أرفض إديسون لأنه مسيحي وغاندي لأنه بوذي والراهبة تريزا لأنها مسيحية، لأنهم ليسوا من ديني؟»... ويقول «نريد غيمة تمطر فرحا لاغيمة تمطر دما، نريد من يزرع وردا في الحديقة الإنسانية لامن يزرع رمحا في رقبة الحب والتسامح، نريد من ينثر الزنابق على الشعوب لا من يوزع البنادق على الأطفال. فلنفرق بين القبلة والشتيمة وبين الغزل وطلقة الرصاص، بين وداعة شجرة الياسمين وتوحش شوك الصحراء».لله دره هذا الضياء وسط ظلامنا الدامس الذي طغت فيه العاطفة السلبية وأفقدتنا القدرة على التفكير حتى بتنا لا نعرف كيف نحب...أو بالأحرى كيف نحيا... ما أحوجنا اليوم لأمثاله ممن يقاتلون بالحب والجمال والتسامح.
مقالات
ضياء الموسوي والذكاء العاطفي
29-12-2008