بانضمام الخنازير عبر إنفلونزاها القاتلة، تكون ثورة الحيوانات على الإنسان وتسلُّطِه قد بلغت حداً بعيداً، فقد سبقت الخنازيرَ إلى ذلك البقرُ عبر جنونها، والطيور عبر إنفلونزاها.

Ad

في سنة 1943 كتب جورج أورويل روايته المبدعة التي تعد، على الرغم من الخيال فيها، أحد أهم الكتب السياسية ذات التأثير في الفكر السياسي، من أمثال كتاب الأمير لمكيافيللي.

وتتحدث الرواية عن إعلان الحيوانات ثورتها على الإنسان المتسلط في المزرعة التي يديرها مستر جونز، وكان حكيم الثورة الخنزير العجوز «أولد ما جور» حاسما في تحديد مبادئ التحرك: «معاداة الإنسان المتسلط، والعدالة والمساواة لكل من يمشي على أربع أو لديه جناحان».

وما إن انتصرت الثورة بقيادة الخنزيرين «نابليون» و«سنوبول»، وتم طرد «مستر جونز»، وموت الخنزير «أولد ما جور»، حتى بدأت شعارات الثورة تتسرب شيئاً فشيئاً، ولم يصبح المجتمع الحيواني الجديد أحسن حالاً، فها هو الخنزير «نابليون» يطرد رفيق دربه «سنوبول» ويستأثر بالسلطة، ويستعين بمجموعة من الكلاب التي دربها منذ كانت صغيرة لتكون جهاز أمنه الخاص، ويعيِّن الخنزير «سكويلير» الذي تولى مهمة الإعلام والدعاية لتبرير سياسات «نابليون»، وإقناع الحيوانات بحكمته ورشد قراراته.

وهكذا أصبحت السلطة الجديدة أسوأ من سلطة الإنسان، وأصبح الخنزير هو الانسان الجديد في المزرعة.

ويمضي «نابليون» في نهجة المتسلط، فيبدأ بلعب نفس اللعبة المصلحية التقليدية مع «بليكنجتون» وهو إنسان يملك مزرعة مجاورة لمزرعة الحيوانات، وكان أن اتفقا مصلحياً على العودة إلى أصول اللعبة، السلطة المطلقة، المفسدة، الفاسدة.

المشهد الحزين في ختام الرواية لخصه أورويل بقوله: «... كانت الأصوات متشابهة، لا حاجة إلى السؤال الآن عما قد حدث لوجوه الخنازير... تنظر الحيوانات في الخارج اليهم من خنزير إلى انسان، ومن إنسان إلى خنزير، ثم من خنزير الى إنسان، ولكن اصبح من المستحيل القول من هو الإنسان ومن هو الخنزير».

حقاً، لقد بات صعباً على الإنسان الطبيعي، في خضم التدليس والتشويه والشعارات، أن يفرق بين الانسان وغيره من الكائنات، فالحيوانات قد أعلنت ثورتها، وإن بطريقة مغايرة لما تحدث عنه أورويل، ولننتظر الى أين تقودنا المتاهات.

يموت الخنزير بسبب الإنسان، أو يموت الإنسان بسبب الخنزير، لا يبدو أن هناك فرقاً.

 

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء