يبدو أنه في الكويت أصبح لدينا مهرجان سنوي نعيشه ونرى وقائع أحداثه، وبخلاف مهرجانات الربيع في بعض دول العالم، ومهرجان «الماي» في تايلند و«شم النسيم» في مصر و«حصاد الطماطم» في إسبانيا و«السامبا» البرازيلي، فإن مهرجاننا الكويتي هو مهرجان بلا فعاليات بالطبع فنية واستعراضية حتى لا يخرج مارد الظواهر السلبية من قمقمه غاضبا، بل هو «مهرجان الكذابين» الكويتي الذي تقتصر كل فعالياته على «الجرجه».
فكلما فتحت صحيفة وجدت مرشحا من نوابنا السابقين يتحدث عن التنمية وإنجاز المشاريع الكبرى، وكلما قلبت «الريموت» على محطة تلفزيونية وجدت واحدا منهم «منرز» بطلعته البهية ولحيته المرسومة بعناية فائقة وبالمسطرة الهندسية، وكأنه خرج للتو من صالون أحمد الباكستاني في قطعة 4 في كيفان الذائع الصيت الذي يتردد عليه أغلب نواب ثوابت الأمة والمحافظة على التراث، والذي يزوره كذلك بين حين وآخر حتى النواب حليقي اللحى حتى يثبتوا للجماهير حرصهم على تقاليدنا وعاداتنا! وتجد نائبنا السابق ومرشحنا الحالي يتكلم في اللقاء التلفزيوني بكل حرقة قلب وحسرة عن عدم تنفيذ مشاريع التنمية وبناء المستشفيات وتردي الخدمات وخلافه من الاحتياجات الأساسية للمواطنين في البلد. وعندما أتفحص نظرات عينيه ونبرة صوته وهو يتكلم، أتأكد أنه ممثل بارع وكذاب لا يُشق له غبار كبقية نظرائه، وببساطة وحتى لا يراهن نوائبنا على ضعف ذاكرتنا، أود أن أذكرهم جميعا بما حدث في جلسة 10 يونيو 2008، فقد تم إقرار مبادرة الإنجاز التي أعدت من قبل النائب السابق محمد الصقر، والتي تمنح الحكومة مهلة حتى شهر أكتوبر من نفس العام لوضع برنامج زمني لإنجاز المشاريع وكان نصه: إلزام الحكومة بتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر عن المراحل التي أنجزت من تصميم وطرح وتنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية الكبرى: أ- خطط تصميم وإنشاء المستشفيات الحكومية الجديدة في محافظات البلاد. ب- خطط تطوير وبناء المدارس الجديدة. ت- خطط تطوير الطرق وتصميم الطرق الجديدة. ث- مراحل إنجاز وبناء ميناء بوبيان وتنفيذ جسر جابر الأحمد وتطوير الجزر وتطوير الواجهة البحرية للصليبخات. ج- مراحل تصميم وإنجاز المدن الإسكانية الجديدة. ح- خطط لمعالجة مشاكل التلوث البيئي جنوب البلاد وفي العاصمة وحل مشاكل الاختناقات المرورية. خ- تنفيذ مشروع مترو الكويت وإشهار شركة مساهمة عامة لهذا الغرض. كما أن المبادرة كانت تحمل بعض الأمور المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة وحماية المستهلك. وفي شهر أكتوبر الماضي انتهت عطلة المجلس وعاد المجلس للانعقاد في دورته الجديدة، وافتتح على استجواب الفالي والتهديد باستجواب مصاريف ديوان رئيس مجلس الوزراء، والأولويات التنظيرية التي أعدها النائب السابق عادل الصرعاوي وزميلاه أحمد لاري وفيصل المسلم وتشمل الفحص قبل الزواج وتعديل تشريعات لا تقدم ولا تؤخر، ولم يشر نائب واحد إلى موضوع مبادرة الإنجاز وما يجب أن تقدمه الحكومة تجاهها، واستسلم الصقر بعد عجزه عن متابعتها وحيدا، وأغلبية النواب يدورون في دوامة الاستجوابات والتصعيد والصراخ، بينما كان نواب «علشانهم» مشغولين بشؤون حماية وزيرهم محمد العليم. وفي هذه الأثناء أيضا لم ينتبه نائب واحد للمهزلة التي تحدث تجاه إرساء مناقصة إنشاء مستشفى جابر الأحمد المفترض أن تخدم ربع مليون مواطن، وكيف تم إلغاؤها بعد ثلاثة أشهر من ترسيتها وتعطيل المشروع لعدة سنوات مقبلة، و«ضاعت صجلة» المجلس السابق في متابعة حفل المستشفى والإزالات والمماحكات، ولم يقبض الناس سوى «الدبش» ومزيد من الحسرة على أحوالهم. واليوم أقول، بعد تجربة، إن أغلبية من يصفّ الكلام ويطلق الوعود كل صباح ومساء في الصحف وعلى شاشات التلفزيون هم ممن يعيشون ويشاركون في مهرجان «كذب وتكاذب» الذي أصبح شبه سنوي في الكويت، فلا تتركوهم يا ناخبي الأمة، ووجهوا إليهم الأسئلة المحرجة في مقارهم وندواتهم، ولا تجعلوهم يضحكون عليكم بتبريرات فارغة، بأنهم لم يفعلوا ذلك أو لم يتابعوا شؤونكم لأنهم كانوا ينتظرون الخطة الخمسية للدولة، لأن الكويت لا تمتلك خطة تنموية منذ عام 1986 فهل يعني ذلك أن تتوقف الحياة والمشاريع ويشقى المواطنون؟ وأكرر بعد كل ذلك يجب أن تواجهوهم وتكشفوهم حتى لا يبقى مهرجان الكذب مستمرا وقائماً لأربع سنين مقبلة في الكويت! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
مهرجان الكذب ... الكويتي
25-04-2009