أن تكون طهران على علاقة طبيعية مع دول العالم المختلفة عدا إسرائيل فهو أمر ليس فقط طبيعيا بل مطلوبا أيضا! وأن تسعى طهران إلى ترتيب أمورها مع دول العالم المختلفة بما فيها أميركا بحيث تقفل معها كل الملفات العالقة أو موضع الاختلاف والنزاع في ما بينها فهو أمر مرحب به أيضا دون تردد!

Ad

وفي ما يخص العلاقة بين طهران وواشنطن فإنه لابد من التذكير بأمرين مهمين أو ثلاثة لمن لا يعرف وهي:

أولا: أن من قطع العلاقة هو الجانب الأميركي وليس الإيراني، وذلك بعد الاستيلاء على السفارة الأميركية في طهران في بداية ثمانينيات القرن الماضي التي اتهمت طهران وقتها موظفي السفارة بتحويلها إلى وكر للتجسس، وهو ما تم حله فيما بعد، وإثر اعتداء أميركي سافر على الأراضي الإيرانية وفشله في تحرير الرهائن إلى أن انتهى الأمر لحل مرضٍ في إطار اتفاقية الجزائر الشهيرة في ما بعد، والتي حررت الرهائن لكنها ألزمت واشنطن بعدم التدخل مطلقا بالشؤون الداخلية الإيرانية!!

ثانيا: أن مؤسس الثورة الإسلامية الإيرانية الإمام روح الله الموسوي الخميني كان قد أبلغ وزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي في أكثر من مناسبة وبعد اتفاق الجزائر بالبحث عن وسيلة لحل هذا الوضع «غير الطبيعي» أي بقاء العلاقات مقطوعة بين البلدين، لكن واشنطن لم توفر جهدا في توتير الأجواء بين العاصمتين كلما لاح في الأفق حل ما!!

ثالثا: أن القيادة الإيرانية الحالية لم تألُ جهدا في تعزيز وتوثيق العلاقات بين الشعب الإيراني والشعب الأميركي، وهناك تعميمات يعرفها من يهمه الأمر حول ضررورة تكثيف العلاقات التجارية والاقتصادية وهو ما نجح فيه الإيرانيون في أكثر من حقبة، لكن إدارات واشنطن المتعاقبة ظلت حريصة دوما على ألا تؤدي تلك التطورات إلى علاقات طبيعية نهائية دون تقديم تنازلات مبدئية تتعلق بالسياسة الخارجية ترفضها طهران من حيث المبدأ مع أي بلد كان، فكيف ببلد مثل أميركا! ومع ذلك ثمة كلام كثير في الصالونات في هذه الأيام بالذات عن سبل استعادة الوضع الطبيعي بين طهران وواشنطن ولكن على أسس سليمة والأهم من كل شيء بعيدا عن الشروط الإسرائيلية المعروفة وبعد انتهاء عهد بوش المتخبط واللامعقول! وللعلم فقط فإن وجود علاقات بين بلدين لا يعني بالضرورة تفاهم هذين البلدين على سياسات مشتركة، ناهيك عن تطابق أو حتى تقارب في وجهات النظر بينهما، لكن لكل عودة شروط وظروف وحيثيات!

السؤال الذي يراود الكثيرين هنا في طهران هو: هل حانت ساعة التسوية والتطبيع بين طهران وواشنطن مع اقتراب انتهاء عهد بوش «الشرير» حسب وصف طهران والوداع مع عصر ضلع «الشر» الثالث حسب وصف واشنطن لطهران مع اقتراب صعود أوباما، وإلى جانبه جوزيف بايدن الذي يعتبر على نطاق واسع بأنه جيء به لأسباب عديدة من جملة ما جيء به هو التطبيع مع طهران؟!

إنه السؤال الذي ينتظر جوابا واضحا خلال الأشهر القليلة القادمة، فلننتظر ونر ماذا تخبئ الأيام من مفاجآت؟!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني