كيف تتلذذ بالصلاة؟!

نشر في 23-07-2008
آخر تحديث 23-07-2008 | 00:00
 أحمد عيسى «ظاهرة» كيف تتلذذ بصلاتك؟ تستحق الوقوف والتأمل، محاضرة ومحاضرا وجمهورا، فعندما يحضر 20 ألف شخص ندوة بهدف البحث عن لذة في الصلاة، فنحن أمام إشكالية، إذ إن هؤلاء لم يجدوا حتى الآن سببا يرغِّبهم في الصلاة، أو أنهم يريدون تأديتها بشكل مختلف، لا بداعي العبادة، ولكن بداعي الاستمتاع بأداء أهم ركن في الإسلام.

إن المأساة في الجمهور، أنه نتاج نظام تعليمي يختص جزء منه بتعليم الدين الإسلامي، بدءاً من الآيات القرآنية التي يحفظها طلبة رياض الأطفال، وصولاً إلى دارسي الدكتوراه في برامج كلية الشريعة. فالطالب في الكويت يدرس الدين الإسلامي، أياً كان مستواه التعليمي أو تخصصه الدراسي، ومع ذلك نجد أنفسنا أمام 20 ألف شخص يريدون التلذذ بأداء الصلاة، مع العلم أن مفهوم اللذة كغريزة إنسانية، هو نتاج لقيام الإنسان بنشاط مادي بحت، وليس روحانيا.

أعود إلى المحاضر الشيخ مشاري الخراز، الذي بحسب ما قرأت عنه، إنسان مهذب، ورع، وصفه أحد متابعيه بأنه «شاب سلفي، لم يبلغ الثلاثين، إمام وخطيب، أسلوبه شيق، وعليه سمة أهل السنة»، قدم محاضرته الأولى في دورة «كيف تتلذذ في الصلاة؟»، بمسجد سعد بن أبي وقاص بمنطقة كيفان، في 14 يونيو الماضي، كمقدمة لأربع محاضرات تقام كل سبت، بين صلاتي المغرب والعشاء في المسجد.

انتشرت الدعوة في المنتديات الإلكترونية، ومثلها عبر الرسائل القصيرة، فغص المسجد الصغير بمصليه بعد المحاضرة الثانية، فقررت إدارة مساجد العاصمة استثمار هذا النشاط، وأقامت المحاضرتين الثالثة والربعة في مسجد الدولة الكبير، حتى تستقبل هذا العدد، فكان أن حضر حوالي 45 ألف شخص للمحاضرتين.

المحاضرة، رغم أنها لم تكن مدرجة ضمن نشاط قطاع المساجد التابع لمحافظة العاصمة بوزارة الأوقاف، فإنها مع ذلك تم الترويج لها عبر إعلانات صحافية مدفوعة الثمن، قاربت قيمتها 20 ألف دينار كويتي بناء على رصد شخصي، وبالطبع لا أحد يعرف مصدرها، ولن يجيب أحد عن هذا السؤال طبعاً، رغم أنه سيسهل تفسير ما حدث، فمعرفة المعلن الحقيقي، ستقود إلى معرفة الهدف من إعلانه.

الآن، انتهت المحاضرات، وعاد الشيخ إلى مسجده، وراح المصلون يطبقون ما تعلموه، فبدأ فصل تسويقي جديد، للمحاضر هذه المرة، وعلى صيت محاضرته التي حضرها 20 ألف شخص، ودعمتها إعلانات مجهولة المصدر، تحتوي على شهادات لأشخاص يؤكدون أن صلاتهم تغيرت بالفعل، وتدعمهم نتيجة استبيان خلص إلى أن 95 في المئة من الحضور يشهدون على ذلك، ورأينا ذلك يحدث في جامعة الكويت الأسبوع الماضي، وحتما لن يقف عندها.

الشيخ مشاري الخراز، عندما انتقل من مسجده الصغير في كيفان إلى المسجد الكبير، انتقل أيضا من دائرة الوعظ إلى دائرة النجومية، ولن استغرب أن يستثمر نجاحه، ويوقع عقداً حصرياً لإحدى القنوات الفضائية، ليطل علينا في رمضان المقبل، ليشرح لنا «كيف نتلذذ بالصلاة»، فتبدأ رحلته تماماً كرجل أعمال ناجح، بدأ واعظاً وانتهى مليارديراً، يملك قناة فضائية ومؤسسة إعلامية، ومركزاً للتدريب والاستشارات، ويدعم مشاريع اجتماعية، تخدم مصالحه الشخصية، لينتهي به الحال على غلاف مجلة «فوربس»، متربعاً عرش زملائه الوعاظ والدعاة.

رحلة مشاري الخراز، لن تختلف عمن سبقه، وحتما لن يكون آخر واعظ، يشق طريقه إلى النجومية، فقد سبقه وعاظ بدأوا رحلتهم من مساجد الدولة، وتحولوا إلى نجوم تلفزيون وساسة، بعد أن تاجروا وأثروا على حساب الدين، فابتعدوا عن الوعظ، واقتربوا أكثر من «البيزنس»، تماماً مثل بعض رموز السلف والإخوان المسلمين.

back to top