ونبقى في مسابقة شاعر العرب إذ إن الحديث فيها يبدو أنه ذو شجون، ولا يمل.

Ad

فهذه المسابقة لم تقتصر الإساءة فيها على الرموز الأحياء كما ذكرت في المقالة السابقة، بل إن الإساءة حاولت النيل من الأموات من رموزنا، بل والرمز الأكبر في المسابقة، وصاحب السيرة المشرقة والمشرّفة الأمير محمد الأحمد السديري نفسه، ومن مَن؟! من أقرب الناس إليه!، فبعد الخلافات الشديدة بين صاحب القناة التي نظّمت المسابقة وبين أبناء السديري، الذين اتهموا صاحب القناة بالتلاعب في النتائج والتزوير والسرقة كما يقولون، ومطالبتهم له برفع يده عما تبقى من المسابقة أو «الكيكه»،مع إصرار «المتهم» على المضي قُدماً غير مكترث بالتهديد والوعيد الذي حاصره من كل الجهات، متحديّا كل مظاهر القوّة التي أُشهرت في وجهه، ولكن مع تزايد الضغوط الرسمية عليه تراجع عن كل ذلك، وخلال كل هذه الأحداث الدراماتيكية أعلن مجلس أمناء الجائزة على لسان نائب رئيسه الدكتور صالح بن سبعان تولي المجلس أمور الجائزة، وتسلم زمامها في ما يشبه ثورة انقلابية لم تكن بيضاء خالصة، أُطلق عليها «حركة تصحيحية»، كما قال الدكتور بن سبعان، لإعادة الأمور إلى نصابها، وحفظ حقوق الشعراء المنهوبة، وإكمال مسيرة المسابقة على أسس علمية تعتمد الشفافية والمصداقية، وفعلا أعلن إقامة الحفل الختامي في الرياض، وأقيم الحفل في اليوم المُحدد، بالرغم من أن الأوبريت الختامي الذي كان من المفترض أن يشدو به فنان العرب محمد عبده لم يتم، لأن الملحن ناصر الصالح أخلّ باتفاقه مع منظمي الحفل إذ «لطش» مقدم أتعابه ثم أقفل هاتفه النقال قبل أيام قليلة من موعد الحفل الختامي كما قيل حينئذ من مصادر مقربة إلى مجلس أمناء الجائزة، بينما تؤكد مصادر أخرى أن ناصر الصالح قد أبلغ مسبقا أنه لن يقوم بتنفيذ العمل مالم يتسلم أتعابه كاملة قبل الذهاب إلى القاهرة لتسجيل الأوبريت، إلا أن ذلك لم يُثنِ عزيمة المنظمين، ولم يمنعهم من إتمام مراسم الاحتفال بدون الأوبريت، وتم إعلان أسماء الفائزين في المسابقة، وتسليمهم مفاتيح السيارات التي وُعدوا بها، وانفض السامر وذهب كلٌّ إلى غايته، إلا أن ما حدث بعد ذلك «كما في معظم الثورات الانقلابية» كان أسوأ ما في السيناريو.

بقي الشعراء الفائزون في الفندق ينتظرون الملايين التي وُعدوا بها، وتمر الساعات والأيام والأسابيع وهم ينتظرون، وكلما سألوا قيل لهم صبرا «آل ياسر»، فصبروا، وكذلك الحال بالنسبة للجان الأخرى المنظمة والمشاركة في «الليلة الكبيرة» ،كاللجنة الإعلامية، ولجنة التحكيم وغيرهما، كلما سألوا عن مكافآتهم قيل لهم «صبرا آل ياسر»، ومازال «آل ياسر» صابرين حتى كتابة هذا المقال، بل إن بعض الشعراء مازالوا «عالقين» في الفندق لا يعرفون أي منقلب سينقلبون، البعض منهم بدأ يترحّم على أيام «ابن دمخ»، والبعض الآخر يتجول في ردهات الفندق، منكوش الشعر مرددا:

رب يومٍ بكيتُ فيه فلّما أصبحتُ في غيرِه بكيتُ عليه!

بقي أن نقول أن اسم الأمير محمد الأحمد السديري سيبقى قبسا من نور، رغم عبث العابثين، وستبقى ذكراه نبراسا يضيء درب السائرين، ورمزاً للعطاء والسمو رغم كل محاولات المتاجرة بعباءته، والسمسرة بثمر نخيله.

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته مع الصدّيقين والأبرار.