في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979 ومع انطلاق شرارة الحرب العراقية - الإيرانية عام 1980 ارتفع سعر برميل النفط الخام إلى نحو 40 دولارا أميركيا، أي ما يعادل 90 دولارا أميركيا بالقيمة الحالية للدولار، وفي صعوده القياسي المتواصل يسجل برميل النفط اليوم زيادة حقيقية تصل إلى نحو %55 عن سعره، مقدرا بالقيمة الحالية عشية الحرب الأولى في الخليج عام 1980.
وتسهم في الارتفاع الحالي لأسعار النفط، وفق ما تكرره العديد من المصادر، جملة من المؤشرات الاقتصادية والتطورات السياسية، وقد ركزت معظم القراءات في الأسبوع الجاري على التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران إذا لم تعدل عن المضي قدما في تطوير برنامجها النووي، وارتفاع معدلات البطالة في اقتصاد الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها في 20 عاما، وعودة الدولار الأميركي إلى الانخفاض، وغير ذلك من العوامل والمبررات التي تشكل وقودا لنار الأسعار.ولا شك في أننا نتفق مع درجة الحساسية المفرطة التي يتميز بها سعر برميل النفط الخام تجاه المتغيرات السياسية والاقتصادية التي باتت تتسم بقدر كبير من التقلب وعدم الاستقرار، ولكن وصول الأسعار إلى مستوياتها الراهنة، التي لم يعد ممكنا معها التقليل من خطورة إسقاطاتها على معدلات النمو والتضخم سواء في البلدان النامية أو الصناعية على حد سواء، يقتضي من كل المهتمين بالتأثيرات والإسقاطات السلبية لهذه الأسعار الوقوف عند الآلية المستخدمة في تحديد أسعار سلعة بهذه الأهمية الإستراتيجية، ولا تتوافر لها بدائل اقتصادية مناسبة في الوقت الحاضر.ان الأثر الكبير، الذي تتسبب فيه عمليات المضاربة في هذه السلعة في أسواق السلع عبر صفقات مالية تهدف الى جني المكاسب والأرباح، هو العامل الرئيسي «اليومي» المباشر وراء هذا الصعود في سعر النفط، وهذه حقيقة تدركها مراكز القرار في البلدان الصناعية، كما كررها العديد من المسؤولين في الأوبك، ولكن أحدا لا يريد أن يحرك ساكنا في هذا الاتجاه.وكانت هذه الحقيقة جلية في مناقشات منتدى واشنطن الأخير، الذي خصص لمناقشة مشكلة أسعار النفط، والذي شارك فيه أكثر من 140 من واضعي السياسات في البنوك المركزية ووزارات الطاقة والمالية وكبار مسؤولي شركات النفط وممثلي الصناعات الثقيلة التي تستخدم النفط، إلى جانب خبراء اقتصاديين.فاذا كان هذا العامل له هذا الأثر الواضح في دفع أسعار النفط الى الارتفاع الى هذه المستويات الخطيرة، فلماذا لا تتحرك مراكز القرار السياسي الدولي، أم أن هذه المراكز باتت هي الأخرى، كما هو سعر النفط، أسيرة تدفقات رؤوس الأموال العالمية؟
مقالات
وجهة نظر : النفط ومراكز صنع القرار.. رهائن في بورصة السلع الدولية!
10-06-2008