يتسابق المتسابقون من سياسيين ومنتفعين وأبواق المتناحرين على الإدلاء بآرائهم حول الأزمة التي تعصف بالكويت، فيعتقد بعضهم أن الأزمة بدأت مع استجواب المليفي لسمو رئيس الوزراء، وآخرون يلقون باللوم على مقدمي الاستجواب الحالي، فالحلول المطروحة اليوم ما بين حل دستوري أو غير دستوري هي محاولات للقفز على الأزمة وعدم معالجتها، فلا الحل الدستوري سينهي هذا التشنج السياسي والشلل الحكومي ولا الحل غير الدستوري سيزيد من قوة الحكومة، فهي عجزت عن المواجهة في ظل الدستور فهل ستستطيع فعل ذلك بعد تعطيل الدستور؟!
آخرون بدأت أصواتهم تعلو مطالبين بتنحية الشيخ ناصر المحمد، وهم هنا يقعون في خطأ جسيم ذي شقين: أولهما أن هذه الدعوات لا تحترم خطابات صاحب السمو المتكررة بأنه هو وحده من يختار رئيس الوزراء، وثانيهما أنها تتعارض مع مواد الدستور التي جعلت اختيار الرئيس حقا أصيلا بيد صاحب السمو، ويبقى السؤال الأكبر: هل إذا تولى شيخ آخر رئاسة الحكومة ستنتهي هذه الأزمات؟ بالتأكيد لا، فأسباب هذه الأزمات لاتزال مستمرة أياً كان المكلف برئاسة الحكومة العتيدة.بدأت تزداد الصدامات المتتالية بين الحكومة ومجلس الأمة مع بداية انحسار «حزب الحكومة»، وأقصد هنا بحزب الحكومة أولئك الذين أُطلق عليهم الأعضاء الحكوميون ممن كانوا منذ نشأة مجلس 1962 يصوتون رافعين الأيادي خلف أيادي الحكومة، لدرجة أن أغلبهم لا يأبه بما يدور من نقاش، فصوته وقراره محسوم سلفاً، ومربوط برباط وثيق مع يد وزير أو رئيس الوزراء، حتى أنه في إحدى جلسات مجلس 1996 صوَّت أحد الأعضاء الحكوميين على أحد الاقتراحات بالموافقة والرفض... وكان ذلك بسبب أن الحكومة لم تكن متضامنة، فكان لكل وزير حرية القرار مما أدى إلى ضياع «نيشان» العضو.أما المجالس التي تلت مجلس 99 فقد غلب عليها غياب الحزب الحكومي وبداية انحساره... فظهرت على الساحة النيابية سياسة العصا والجزرة الحكومية للتعامل مع النواب، خصوصا بعد تسلم الشيخ أحمد الفهد ومحمد شرار مسؤولية التعامل مع النواب، ومع بداية الصراع بين أبناء الأسرة حول مستقبلهم السياسي بدأ الحزب الحكومي بالتفكك، وتحول أعضاؤه إلى مجموعات كثيرة كل منها يمثل إما شيخا طامحا وإما شخصا متنفذا... وجمع تلك المجموعات من بقايا ومخلفات «حزب الحكومة» مصلحة واحدة، هي إضعاف رئيس الحكومة والسعي إلى إثبات عدم قدرته على قيادة البلاد!اليوم بات للحل طريقان لا ثالث لهما: إما إشهار الأحزاب وفق قانون يحمي وحدتنا الوطنية، فتتعامل الحكومة مع حزبين أو ثلاثة، ومن ثم تستطيع إنجاز أعمالها، وإما أن تعمل مؤسسة الحكم على إعادة إحياء «حزب الحكومة» وهذا لا يتم إلا بتوافر شرطين: أولهما، التعامل بحزم مع خلاف أبناء العمومة ومحاسبة من يحاول الإيقاع برئيس الحكومة، وثانيهما، الإتيان برئيس محايد للمجلس أو على أقل تقدير لا يضمر حقدا لرئيس الحكومة.
مقالات
الحل بعودة حزب الحكومة
21-11-2008