عدالة تحت المحك!

نشر في 30-03-2009 | 00:00
آخر تحديث 30-03-2009 | 00:00
 أ.د. غانم النجار قدم البروفيسور ريتشارد فولك، وهو بالمناسبة يهودي أميركي، تقريره الخاص بأوضاع حقوق الإنسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة الى مجلس حقوق الانسان بجنيف يوم الاثنين الماضي.

ويعد فولك واحدا من أبرز أساتذة القانون الدولي الاميركان، وكنت قد زاملته في هيئة الخبراء الدوليين، كما انه بحكم مهمته الدولية فإنه يقوم بمهامه بصورة طوعية، أي من دون مقابل، وقد منعته اسرائيل من الوصول الى غزة، وتمت معاملته في المطار بدونية واساءة بالغة.

وعلى أي حال فإن كونه اميركيا ويهوديا في ذات الوقت لم يمنعه من إصدار تقريره الذي اتهم فيه اسرائيل بارتكابها جرائم حرب في عدوانها الأخير على غزة، وطالب المجتمع الدولي وعلى رأسه مجلس الأمن بالتحقيق في تلك الجرائم، وهكذا اصبح تقرير فولك هو اول وثيقة رسمية من الوثائق الأممية التي تدين اسرائيل بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.

وكنت قد واجهت موقفا مشابها كخبير اممي دولي خاص بحقوق الانسان بالصومال، عندما طالبت في تقريري سنة 2002 بالتحقيق في احتمالات جرائم حرب تم ارتكابها بالصومال من قبل كل الاطراف الصومالية والاقليمية والدولية على حد سواء، لكن محاولاتي تلك لم يكتب لها النجاح، وإن كانت قد مهدت الطريق لذلك النوع من التحقيق وما زال الباب والأمل مفتوحين.

وقد كان الرد الاسرائيلي حادا ضد تقرير فولك، حيث اتهموه بالتحيز، كما اتهموه بازدواجية المعايير، وانه لم يستند إلى أدلة كافية، وانه اعتمد على مصادر مغلوطة ومعادية لاسرائيل، وهي ذات الحجج التي دفعت بها الحكومة السودانية ضد مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة الرئيس السوداني عمر حسن البشير، وهكذا هي حجج مكررة معروفة سلفا، تكررها أي دولة تتهم بجرائم حرب وانتهاكات حقوق الانسان، فالحكومات في ذلك الأمر متشابهة.

وقد تبع تقرير فولك تقرير مشابه أصدرته منظمة هيومان رايتس ووتش، كما بدأت بعض التحركات الاوروبية لمراجعة العلاقات مع اسرائيل، ويبقى الاهم في كل ذلك هو تقرير ريتشارد فولك، ولو أن القمة العربية كانت جدية بعض الشيء لاستطاعت تحريك الشكاوى بوسائل عدة لكي تنتهي على مكتب المدعي العام الدولي لويس مورينو اوكومبو، وفي حالة قبولها بصورة مباشرة، فإنها ستتجاوز عقدة احالة مجلس الامن، وربما يبدأ التحقيق الفعلي.

فماذا لو بدأ التحقيق في الانتهاكات الاسرائيلية فعلا؟

وماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارا بضبط واحضار المتهمين ايهود أولمرت وتسيبي ليفني وايهود باراك؟

بالطبع المسألة ليست بتلك السهولة والمحكمة الدولية مازالت في بداياتها، ومن المتوقع ان تتحرك الولايات المتحدة وأغلبية الاوروبيين لايقاف مثل هذا الاجراء، ولكنها معركة تستحق ما يبذل فيها من جهد، وما ينفق عليها من موارد.

إنها معركة بين مناصري كرامة الانسان من عرب ومسلمين وغربيين وآسيويين وأفارقة ولاتينيين وغيرهم من جهة، مقابل معسكر آخر من نفس الفئات لكنه لا يقيم لكرامة الانسان وحقوقه وزنا من جهة اخرى.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top