شكرا للشعب الأميركي
في نجاح أوباما دروس متعددة لابد أن نعيها وأن نستفيد منها: دروس في القيادة والتأثير وفي الاتصال والتحفيز وفي التخطيط والتنظيم... ودروس بأهمية المهنية والأخلاق في العمل السياسي رغم الإغراءات والضغوط... ودروس بأهمية الجرأة والوضوح باتخاذ القرار والالتزام به رغم المقاومة المبدئية والفتور.شعور عارم بالسعادة والتفاؤل اجتاحني وأنا أتابع نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية، لا لأمل في سياسة مختلفة في الشرق الأوسط أو في سلام دائم في المنطقة، إنما لإعادة الأمل في الشعوب وبعث التفاؤل بقدرة الشباب على التغيير وتعزيز الإيمان بغد أفضل. فمن كان يتخيل قبل أقل من 100 عام حيث قمة التمييز العنصري في الولايات المتحدة والعالم الغربي أن عائلة من السود ستقطن البيت الأبيض لا كعبيد إنما كعائلة القائد الأقوى نفوذا في العالم.
من كان يتصور أن شاباً عادياً من الطبقة الكادحة ومن الأعراق والديانات المختلطة يمكنه أن يكسر كل الحواجز الطبقية والعرقية والنفسية والتاريخية والسياسية ويعيد تشكيل خارطة الأحمر والأزرق. من كان يدري أن الشباب الذين اتهمناهم بالسطحية والأنانية واللامبالاة قادرون على تغيير مجرى التاريخ وفرض أجندتهم على أكبر القوى السياسية والاقتصادية التي طالما شكلت مصير كوكبنا. كيف يمكن لتبرع صغير بقدر 50 دولارا أن يتحول إلى الملايين التي دعمت حملة أوباما الإعلامية المتميزة؟ ما هذه الجرأة في طرح قضايا غير شعبية أو مألوفة لجيل القرن الماضي كالحفاظ على البيئة وحماية حقوق الأقليات؟ ما هي الإمكانات التنظيمية التي جندت الملايين من المتطوعين من كل الأعمار والأجناس والطبقات ليطرقوا باب كل منزل عبر كل الولايات الأميركية ويتصلون بكل ناخب؟ كيف يمكن لشخص نصف أميركي أن يكون مثال الحلم الأميركي؟!في نجاح أوباما دروس متعددة لابد أن نعيها وأن نستفيد منها: دروس في القيادة والتأثير وفي الاتصال والتحفيز وفي التخطيط والتنظيم... ودروس بأهمية المهنية والأخلاق في العمل السياسي رغم الإغراءات والضغوط... ودروس بأهمية الجرأة والوضوح باتخاذ القرار والالتزام به رغم المقاومة المبدئية والفتور. الدرس الأهم هو الإيمان المطلق بإرادة الفرد والجماعة، وهو درس تاريخي أثبته العظماء مرارا وتكرارا وأكدته الشعوب في كل بقاع العالم، ولكننا تحت الضغوط والفوضى ننساه دوما، فلا يجوز لأحد أن يلوم غيره على وضعه سواء كان أهله أو حكومته أو -والعياذ بالله- مجلسه أو شعبه. فهنالك سبيل طالما كانت هنالك إرادة... والفشل دليل ضعف الإيمان بالرسالة والهدف.شكرا لأوباما لإعطائنا مثالا حيا على القيادة والمثابرة وشكرا للشعب الأميركي لإعطائنا الأمل!