تصادف هذه الأيام من شهر مايو الحالي الذكرى الثامنة والعشرين لانطلاقة «مبادرة» بدأت بفكرة كويتية ثم تحولت الى إقليمية، أطلقها المغفور له الشيخ جابر الأحمد لقناعته أن العصر القادم هو عصر التكتلات الإقليمية، وحرصت الكويت بعدها على الارتكاز على الروابط الثقافية والتاريخية بين شعوب المنطقة، حتى تبلورت المبادرة، وانسجمت مع تطلعات قادة دول الخليج، ثم تشكلت «منظومة دول مجلس التعاون الخليجي»، لتضم الكويت- التي سترأس المنظومة في نهاية هذا العام- والمملكة العربية السعودية وقطر والبحرين والإمارات وسلطنة عمان التي تتولى الرئاسة الحالية.
ويصادف هذا العام أيضا التسونامي المالي العالمي الذي تسبب في إعادة ترتيب الأولويات لجميع المنظمات الإقليمية العربية منها والغربية، ولو عدنا إلى النظام الأساسي للمنظومة لوجدنا أن المادة الرابعة تعطي الأولوية للتعاون في الشؤون الاقتصادية والمالية، وما حدث خلال الأيام الماضية من اختلاف حول إنشاء البنك المركزي الخليجي وإيجاد الدولة المضيفة، واهتز بعدها مشروع العملة الخليجية الموحدة، وذلك بعد عدم الرضا العماني في العالم الماضي، والاستياء الإماراتي هذا العام. وقبل الحديث عن إصدار العملة الخليجية الموحدة والمقررة بداية عام 2010، نتساءل عن دور الأمانة العامة: هل وفرت المعلومات الكافية للأعضاء عن الأداء الاقتصادي الذي يتطلبه الاتحاد النقدي الخليجي؟ وحددت معايير هذا الأداء؟لن أفترض أن المواطن الخليجي لديه أدنى اهتمام بقرارات المجلس الأخيرة الخاصة بالنزاع حول العملة والبنك المركزي ومركز للكوارث الطبيعية والزلازل والأعاصير، إنما ما يمس المواطن من قضايا كثيرة كإنقاذه وحمايته من الكوارث المالية، وإزالة العقبات أمام إنشاء الشركات والمشاريع الصغيرة، وتوفير القروض الميسرة لتحفيز الناشئين في عالم الصناعة الخليجية، التي تتحمل الدولة جزءا منها والمنظومة الخليجية تسهل الإجراءات اللازمة لها.وأقول ذلك بعد متابعتي مشروعا شبابيا لتجميع أجزاء الكمبيوتر في دول الخليج، مازال حتى اليوم حبرا على الورق، بسبب مسلسل العقبات الإدارية بين دول التعاون، أي بمعنى آخر استحالة التعاون في دول التعاون. أما العملة الخليجية الموحدة المتنازع عليها، بين رغبة الإمارات باستضافة البنك المركزي الخليجي، واعتراض عمان على الإجراءات النقدية، فقد جاءت كمشروع مع نشأة المجلس، فالنظام الأساسي والاتفاقية الاقتصادية الموحدة لعام 1981 أشارت إلى التكامل الاقتصادي كهدف أساسي لدول المجلس... والمادة 22 من الاتفاقية أشارت إلى توحيد التعرفة الجمركية والعمل على توحيد العملة.. وجاء موضوع استقرار العملة في أسواق الصرف ليحفز الدول على تأجيل توحيد العملة إلى نهاية فترة التسعينيات وأقر الدولار كمثبت للعملات، وتراجعت بعض دول الخليج عن القرار، حتى جاءت قمة أبوظبي عام 2005 وأقرت التقارب الاقتصادي كأولوية.واليوم نتساءل في هذه الظروف عن أسباب الاختلاف في وجهات النظر، حول الملفات الاقتصادية، بعد انتهاء المؤتمرات التشاورية: ألم تعقد الاجتماعات التحضيرية الكافية لمساعدة الدول على اتخاذ القرار الصحيح؟ وإن كان هناك اختلاف حول موقع البنك المركزي الخليجي، هل ذلك سبب للانسحاب من العملة؟ الأسئلة كثيرة... والقرارات أكثر، ومازلنا بعد ثمانية وعشرين عاما نجلس في صفوف المتفرجين.كلمة أخيرة: باقة ورد للقائمين على موقع وزارة الخارجية الكويتية، لما يحتويه من معلومات قيمة للباحثين متوافرة بجميع اللغات، بما فيها اللغة الصينية. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
معوقات التعاون... في مجلس التعاون
26-05-2009