Ad

إن كل ما يقال عن الحوار الفلسطيني-الفلسطيني ومن ضمنه ما يقوله الأمين العام للجامعة العربية والذين استهوتهم لعبة الوساطات هذه هو مجرد قفزٍ فوق الحبال.

حتى إن كان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى على رأس الذين يواصلون «خضَّ» ماء الوساطة بين السلطة الوطنية و«حماس»، لا يتوقعون أي نتيجة حقيقية، فإنهم لا يفعلون أكثر مما فعلوه في السابق ولم يحرزوا أي تقدم ولو بمقدار خطوة واحدة، وذلك لأن القرار بالنسبة لحركة المقاومة الإسلامية ليس بيد خالد مشعل، ولا بأيدي قادة غزة، إنما بيد الولي الفقيه علي خامنئي والحلف الإقليمي المعروف.

لاشك في أنه على الفلسطينيين أن يوحدوا صفوفهم، كي يستطيعوا مواجهة استحقاقات المرحلة، وقضيتهم تمر بهذا المنعطف الخطير الذي تمر به، لكن ما يجب أن يقال حتى تكون الأمور واضحة هو أن ما فعلته حركة «حماس» وما تفعله يدل على أنها تريد حواراً مع السلطة الوطنية على أساس دولة غزة مقابل دولة الضفة الغربية وعلى أساس تكريس ما هو قائم كأمر واقع وتحقيق انتصار كانتصار حسن نصرالله وحزبه في لبنان، تقدمه هدية جديدة للولي الفقيه في طهران.

لا يمكن أن يكون هناك حلٌّ لهذه العقدة الفلسطينية ما لم تتراجع «حماس» عن الانقلاب الذي قامت به قبل عام، وأوصل الفلسطينيين إلى ما وصلوا إليه، وما لم تُجْرَ انتخابات جديدة على أسس سياسية واضحة عنوانها مبادرة السلام العربية وإنهاء هذه الثنائية المربكة التي تقدم للإسرائيليين كل الحجج والمبررات التي يريدونها لمواجهة العالم الضاغط في اتجاه إقامة الدولة المستقلة المنشودة.

ليس أمام «حماس»، إن هي فعلاً تريد حواراً حقيقياً، إلا أن تتراجع عن انقلابها المشؤوم، وتنهي حالة الانفصال السياسي بين غزة ورام الله، وتختار بعد الذهاب الى انتخابات جديدة، أحد خيارين: إما الانصهار بمنظمة التحرير والاعتراف بتوجهاتها وبرامجها وبكل الاتفاقات التي وقعتها مع إسرائيل وغيرها في إطار عملية السلام التي بدأت في العام 1993، وإما أن تصبح معارضة إيجابية تعارض من موقع الحرص على إنجاز هدف الدولة المستقلة بالوسائل السياسية، وحتى من خارج إطار المنظمة والسلطة الوطنية.

أمَّا أن يكون الحوار من أجل الحوار فقط ومن أجل الاستفادة من عامل الوقت لتكريس الأمر الواقع، ولتثبيت دولة غزة ولتحقيق انتصارٍ أولاً لوسطاء الخير يضاف الى الانتصار الكسيح الذي حققوه بالنسبة للأزمة اللبنانية التي لاتزال تراوح مكانها، وثانياً للحلف الإقليمي المعروف انتظاراً لمرحلة ما بعد رحيل الرئيس الأميركي جورج بوش، وما بعد الانتخابات الأميركية المقبلة، فإن هذا سيزيد الأمور المعقدة تعقيدات جديدة.

إن على الأمين العام للجامعة العربية ومعه وسطاء الخير الآخرون ألاَّ يوسعوا «بيكارهم» وينتقلوا للحالة الفلسطينية قبل إنجاح اتفاق الدوحة الذي يبدو أن أصحاب الانتصار الإلهي أدخلوه في نفق لن يخرج منه، بعد أن مدَّوا أيديهم إلى المعادلة الطائفية المستمرة منذ أكثر من ستين عاماً، وطالبوا بأن يكون هناك موقع جديد اسمه موقع نائب رئيس الجمهورية، وأن يكون هذا الموقع لشيعة الولي الفقيه وحسن نصرالله وليس لشيعة لبنان الذين يستحقون كل خير.

بصراحة... إن كل ما يقال عن الحوار الفلسطيني-الفلسطيني ومن ضمنه ما يقوله الأمين العام للجامعة العربية والذين استهوتهم لعبة الوساطات هذه هو مجرد قفزٍ فوق الحبال، مادام واقع المنطقة هو هذا الواقع، ومادام تحالف «الممانعة» يعتقد أنه يحقق انتصارات سواء في العراق أو في لبنان أو في فلسطين واليمن، ومادامت حركة «حماس» لم تتراجع عن انقلابها الذي مرَّ عليه عام كامل، وأن صيغة دولة غزة لم تنته لتجري انتخابات فلسطينية جديدة تعيد الوضع الفلسطيني ليقف على قدميه بعد أن طال وقوفه على رأسه.

* كاتب وسياسي أردني