وصلت أسعار النفط إلى أرقام قياسية تعدت المئة والعشرين دولاراً ويتوقع لها أن تتصاعد خلال الفترة القريبة القادمة، وهناك من المتخصصين مَن يحذر من أن هذه الزيادة غير الطبيعية لأسعار النفط تنبئ بأن هنالك تلاعباً ما أوصلها إلى هذا السقف المرتفع. وهناك ضغوط دولية تمارس على دول «أوبك» لزيادة الإنتاج، وهو ما استجاب له بعض الدول الأعضاء في المنظمة أخيراً مما قد يسهم في نقص احتياطات النفط القابل للاستخراج في هذه الدول.
على أي حال، فإن الأسعار الحالية لن تستمر طويلاً، وهذا ما عكسته تقارير وزارة النفط التي أشارت إليها بعض الصحف منذ يومين بخصوص أسعار النفط التي ستبنى عليها تقديرات الميزانية العامة للدولة في السنوات القليلة القادمة حيث حددت سعر برميل النفط من خمسين إلى سبعين دولاراً. إلا أن الأمر الأكثر أهمية هنا هو ما يتعلق بالاحتياطات النفطية وبالعمر الافتراضي للنفط، وهي القضية التي أثيرت قبل مدة عندما أعلنت وزارة النفط أن احتياطات النفط في الكويت تبلغ حوالي 99 مليار برميل، وأن عمر النفط سيمتد إلى أكثر من مئة عام. وما أن أعلنت هذه المعلومات حتى قام الخبير النفطي والنائب السابق الأستاذ عبدالله النيباري بالتشكيك في دقة معلومات وزارة النفط، مبيناً في مقالات عدة وتصريحات صحفية «أن معلومات قد توافرت لي بان التقارير الداخلية في شركة نفط الكويت تقدر أن النفط القابل للاستخراج هو في حدود 35 مليار برميل، أي أن عمر النفط هو في حدود 35 سنة وليس مئة سنة، هذا إذا استمر إنتاجنا السنوي بالمعدلات الحالية أي 2.2 إلى 2.5 مليون برميل يوميا». وتوقع الأستاذ النيباري أن يتناقص عمر احتياطاتنا النفطية إلى أقل من ذلك وربما يصل إلى 25 سنة إذا ما قامت وزارة النفط برفع الإنتاج إلى ما بين 3 و4 ملايين برميل يومياً، حسب الخطة الحكومية المعلنة. وفور صدور هذا التحذير أو التحدي الذي أطلقه الأستاذ النيباري، وجه النائب أحمد السعدون في المجلس السابق سؤالاً برلمانياً (أعتقد انه كرر السؤال نفسه في هذا المجلس) يتعلق بالكشف عن الحجم الحقيقي للاحتياطات النفطية، وقدم كذلك اقتراحاً بقانون بأن يحدد الإنتاج بنسبة 2% من حجم الاحتياط المؤكد وذلك لإطالة عمر النفط. ولكن يبدو أن إجابة سؤال النائب أحمد السعدون لم تصله حتى الآن رغم مضي مدة طويلة على تقديمه للسؤال لأول مرة، مما يثير أكثر من علامة استفهام وشكوك حول حقيقة حجم الاحتياطات النفطية والعمر الافتراضي للنفط. وقد زاد من علامات الاستفهام والشكوك هذه ما أكده الناطق الرسمي باسم كتلة العمل الشعبي النائب مسلم البراك في تصريحه الصحفي المنشور في الصحف بتاريخ 6 يونيو 2008 الذي أعلن فيه برنامج عمل التكتل الشعبي لدور الانعقاد الحالي لمجلس الأمة، حيث جاء فيه أن «التكتل قدم اقتراحاً بقانون لربط سقف الإنتاج بالاحتياطي المؤكد، بعد أن تبين من التقارير الرسمية أن الاحتياطي المؤكد 24 مليار برميل، وليس كما يدعي البعض أنه 99 ملياراً، موضحا أن هذه المعلومة وردت في التقرير السري الصادر عن شركة نفط الكويت في شهر ديسمبر 2001 عن الفترة حتى 31/3/2001». فهل لنا، كمواطنين، أن نعرف ما هو الحجم الحقيقي للاحتياطات النفطية المؤكدة؟ وما هو العمر الافتراضي للنفط؟ وهل هناك خطط حكومية بديلة لفترة ما بعد النفط التي هي، حتى في أفضل التقديرات تفاؤلاً، ليست ببعيدة؟
مقالات
حقيقة الاحتياطات النفطية وعمر النفط
18-06-2008