Ad

تبدو الشخصية الكويتية وكأنها تتعاطى بوجهين، وجه للداخل والآخر للخارج، وما بينهما تقع أخطاء تدعو للاستغراب... والحنق أحياناً.

في جميع مطارات العالم توجد غرف خاصة بالمدخنين، حفاظاً على صحة غيرهم واحتراماً للقوانين التي تمنع التدخين في الاماكن العامة، ولعل مطار الكويت واحد من هذه المطارات، غير ان اللافت للنظر بل ويدعو الى الاستهجان، المشهد الذي يراه كل مَن يمر الى جانب تلك الغرف، اذ تجد من يستخدمها ويلتزم بالقوانين هم الاجانب وحدهم، في حين تجد المواطنين، ممن أدمنوا خرق القوانين السائدة، يستمتع بالتدخين مع كوب شاي أو قهوة، ضارباً عرض الحائط بكل العلامات التي تشير الى «ممنوع التدخين».

الغريب أن موظفي المطار من أصحاب البزات الرسمية سواء التابعين لوزارة الداخلية او للطيران المدني، يدخنون بأريحية وهم يتجولون في المطار، بل يدخنون وهم يمارسون الاجراءات القانونية للمسافرين، فكيف يُحترم قانون يخرقه مَن يفترض انه يحميه أو على الاقل يطبقه؟!

كل إناء بما فيه ينضح، فالانسان عادة ما ترتسم ثقافته على تصرفاته التي تكون كالمرآة تعكس صورة المجتمع الذي ترعرع فيه، بيد أن الغريب هو «الانفصام» في شخصية المواطن الذي يختلف تصرفه على أرض بلاده وتصرفه خارجها، وخصوصا في الارض الاوروبية، وهذا ما يفعله الكويتيون، وتحديداً خلال فترة الاصطياف خارج البلاد، اذ تجد أن الأغلبية وقبل ايام من موعد المغادرة يقاتل ويبحث عن شخص يعرفه من أجل الحصول على توصية تنفعه في إعفائه من وزن زائد أو تخصيص كرسي ذي موقع مميز.

وما هي الا ساعات قليلة حتى يصل إلى وجهته، خصوصا اذا كانت غربية، يتحول الكويتي الى إنسان منتظم... بل وأحرص الناس على تطبيق واحترام القانون، «ويكسر الخاطر» عندما تشاهده مغلوبا على أمره، وينتظر في طابور طويل، لكن الاهم أن تبدو عليه القناعة، ليدرك انه في مكان يتساوى فيه الناس من حيث التعامل. بناء على هذا التناقض الكويتي، أليس الأجدى ان تكون «القناعة» سمة من سمات الشخصية لا من سمات المكان، حتى لا نُنعت بمنفصمي الشخصية.