هل يتعرض البدو للممارسات العنصرية ضدهم؟!

نشر في 29-03-2009
آخر تحديث 29-03-2009 | 00:00
 د. ساجد العبدلي أعتقد شخصياً أن الفرعيات لم تقدم حلاً على الإطلاق لمشكلة الممارسات العنصرية، وأن نواب القبائل، سواء مَن وصلوا خلال الفرعيات أو غيرهم، لم يتصدوا للمشكلة أبداً، وأن الكثير من أبناء القبائل قد قاموا بأنفسهم بممارسة العنصرية والتمييز تجاه الآخرين عندما وصلوا إلى مواقع السلطة، وعليه فكثير منا، بل أغلبنا، بدواً وحضراً وسُنةً وشيعةً، قد شاركوا في هذه الجريمة في حق الوطن.

طرحت في مقالي السابق «هل البدو مواطنون من الدرجة الثانية؟» مجموعة من الأسئلة، وسأحاول، ابتداء من اليوم، تناولها. لكن سأذكر في البداية بأن إجابة مثل هذه الأسئلة قد تحتاج بحثاً علمياً مطولاً، كما قال الأخ عباس فاضل، إلا أنني آمل أن تشكل التجربة التي أقوم بها هنا، مع إدراكي لقصورها، نواة أو شرارة لمثل هذا البحث.

كان السؤال الأول هو: هل بالفعل يواجه أفراد المجتمع المتوسط، البدو تحديداً، صعوبة في «تعلي» المناصب أو دخول بعض مؤسسات الدولة، خصوصاً المؤسسات المخملية منها كما يسميها البعض؟!

لا أمتلك دليلاً على ذلك، وكل ما عندي «نتف كلام» من هنا وهناك، ستبقى في نهاية المطاف بلا دليل، لكن لعل الاتهام حقيقي وأن هناك عنصرية تمارَس ضد «البدو» في أماكن معينة. إنما في المقابل، فهناك من سيقول، إن هناك عنصرية تمارس ضد «الشيعة» في أماكن عمل معينة والعكس بالعكس، بل هناك من سيقول إن هناك عنصرية تمارس تجاه «الحضر» في جهات معينة. وهكذا فهنالك شعور لدى الجميع بأن الآخر المختلف يمارس نوعاً من العنصرية ضدهم.

ذكر الأخ سعود في تعليقه، أن بعض مؤسسات الدولة (غالباً) ما تكون شبه محتكرة أو سهلة المنال لفئة معينة، ليس بسبب وجودها في الكويت منذ ما قبل النفط، بل بسبب مركزها المالي أو وضعها الاجتماعي، وأن من هذه الفئة أبناء قبائل أيضاً، وكذلك ذكر الأخ أبو تركي بأنه إذا كانت لديك واسطة فسوف «تمشي أمورك»، وكلاهما صحيح إلى حد كبير، لكن سأشير إلى أن الناس في مجتمعاتنا غالباً ما تميل إلى الاقتراب ممن هم على شاكلتها، لذا من الطبيعي أن نرى قدراً معينا من التكاتف الاجتماعي في مؤسسات العمل المختلفة.

حسنا سنفترض بأن هذا هو الواقع في الكويت، وسنسأل، ماذا فعل الكويتيون بفئاتهم المختلفة، بدواً وحضراً وسنةً وشيعةً، لمعالجته. ماذا فعل البدو، على سبيل المثال، كما جاء في رسالة من الأخت هدى المطيري، للتأكيد على أنهم ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية لتمارس عليهم مثل هذه العنصرية؟ كيف تصدوا لذلك وكيف تعاملوا معه؟! وهل شكَّل اللجوء إلى الفرعيات عبر سنوات طويلة، كما يعتقد الأخ أحمد المطيري، بالفعل أي نوع من المعالجة لذلك؟! وهل استطاعت الكتلة النيابية القبلية الضخمة عبر أدواتها الدستورية التشريعية والرقابية الكبيرة أن تتصدى لهذه العنصرية في المؤسسات التي يقال عنها مخملية وأن تحاسب المسؤولين عنها، أم أن ما قامت به هو مساعدة حالات فردية مورس عليها هذا التمييز؟ وكذلك هل قام أبناء القبائل ممن وصلوا إلى المناصب العليا بمعالجتها، أم أنهم انخرطوا بدورهم في ممارستها تجاه الآخر، بل حتى تجاه بعضهم بعضا؟!

أعتقد شخصياً أن الفرعيات لم تقدم حلاً على الإطلاق لهذه المشكلة، وأن نواب القبائل، سواء مَن وصلوا خلال الفرعيات أو غيرهم، لم يتصدوا للمشكلة أبداً، وأن الكثير من أبناء القبائل قد قاموا بأنفسهم بممارسة العنصرية والتمييز تجاه الآخرين عندما وصلوا إلى مواقع السلطة، وعليه فكثير منا، بل أغلبنا، بدواً وحضراً وسُنةً وشيعةً، قد شاركوا في هذه الجريمة في حق الوطن.

إن العلاج يا سادتي، لن يكون أبدا بتكريس اختلافنا وتميزنا أو تفوقنا على الآخر، إنما بتقوية تماثلنا وتشابهنا معه على سلم المواطنة، مع احترامنا لخصوصيته الاجتماعية طالما أنها لا تعطيه أي أفضلية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top