كثيرة هي الشخصيات الكويتية التي ساهمت في بناء الوطن سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا. ولعل كثيراً من هذه الشخصيات تم إحياء ذكراها بشكل أو بآخر بينما هناك العديد منها هضم حقها وباتوا مظلومين في حياتهم ومماتهم.

Ad

أحد هذه الشخصيات هو المرحوم آية الله السيد عباس المهري الذي تمر علينا في هذه الأيام الذكرى الـ21 لوفاته بعد 75 عاما قضاها في العلم وخدمة الناس وبناء الثقافة والفكر في المجتمع، وهو في نظري بناء أهم من بناء العمارات وغيرها من مظاهر المدنية.

فلم يكن السيد عباس المهري مجرد عالم دين تقليدي بل تميز بكثير من الصفات التي تدل على نمو الوعي لديه في النواحي كافة في وقت قلَّ وجود هكذا نموذج. فإضافة إلى قيامه بالأعمال الاعتيادية التي عادة ما يقوم بها عالم الدين كصلاة الجماعة والتثقيف الديني والرد على استفسارات الناس، كان رحمه الله من أوائل الخطباء الذين تناولوا المفاهيم السياسية وضرورة الوعي والفهم في مسائلها إلى جانب الفهم في أمور الدين. فكان- مثلا- كثير الاهتمام بالقضية الفلسطينية في وقت لم تكن ذات أهمية لدى العديد من علماء الدين التقليديين.

ونتيجة لهذا الإلمام بالعديد من الجوانب التي تؤثر في حياة الناس، كان محط اهتمام من قبل العديد من الشباب حتى تخرج على يده جيل من المثقفين الكويتيين الذين كان لهم دور في نشر الثقافة في المجتمع.

أما من الناحية الاجتماعية والشخصية فقد كان- رحمه الله- وحتى آخر أيام حياته شديد التواضع، فتجده يستقبل ويسلم على الفقير كما يستقبل الغني، معتقدا أن أي إنسان قد يكون أعلى مقاماً منه عند الباري عز وجل. كما كان ديوانه العامر مقصداً لطبقات المجتمع المختلفة، فاستطاع تقوية الروابط بين التجار والناس العاديين، وكان يساهم في توزيع الأموال على المحتاجين وبناء العديد من المشاريع الخيرية، أبرزها المدرسة الجعفرية للبنات. كما كان يشدد على أهمية الوحدة من فئات المجتمع ونبذ العصبيات العرقية والطائفية، ولا ننسى أيضا موقفه الدائم في الدفاع عن الدستور، وهو الموقف الذي دفع هو وعائلته ثمناً باهظاً له نتيجة التمسك والمجاهرة به. رحم الله السيد عباس المهري وأسكنه فسيح جناته، ونأمل أن يأتي اليوم الذي يكرَّم فيه هذا الرجل ويذكره الجميع كأحد رجالات البلد.

***

لا أدري لماذا ينزع بعض الرؤساء ثوب الرئاسة عند زيارته إلى بلدنا ليتحول إلى مدير مبيعات لشركات الأسلحة؟ ولا أدري إلى متى ندفع «إتاوات سياسية» لبعض البلدان مقابل حصولنا على أسلحة، نعلم مسبقا بأننا لن نستعملها، خصوصاً أننا دولة صغيرة وسط ثلاث دول كبيرة، ونعتمد على الحماية الخارجية؟!