إلى الشاكين الأعزاء
انهالت عليَّ في الفترة الأخيرة اتصالاتٌ من وزراء ونواب ومسؤولين تشكو انتقادات يوجّهها إليهم كُتّاب «الجريدة» وتأتي أحياناً بصيغةٍ قاسية ومباشرة. ويعتقد المتصلون، وكلّهم أعزاء، أنني بصفتي ناشراً، يمكن أن أمنع مقالاً أو أوجّه لتجنب تناول شخصٍ ما أو جهةٍ بنقد. وهو اعتقادٌ خاطئ، لأنني ورئيس التحرير خالد الهلال، نؤمن بأنّ وظيفة «الجريدة» هي إعلام الناس وإبداء الرأي وإفساح المجال لمختلف المواقف، وليس من قناعاتنا على الإطلاق الحجر على الآراء ما دامت ضمن الأصول والتقاليد المتعارف عليها في الصحافة وتحت سقف القانون.إننا نؤمن بأنّ كل مَن يتبوأ منصباً أو يعمل في الشأن العام سواء كان نائباً أو وزيراً أو شيخاً هو قابل للنقد بحكم موقعه والعمل الذي يمارسه، ويجب أن يتوقع النقد من الصحافة للتصويب أو التصحيح أو بكل بساطة للتعبير عن عدم إعجاب أو تفضيل آخر للقيام بالمهام.
ليس بوسعنا، أنا ورئيس التحرير، منع أي مقالٍ لكُتّاب «الجريدة» إلا إذا جاء فيه مساسٌ بالذات الإلهية، أو الذات الأميرية، أو خروجٌ على التقاليد المهنية وما يحدّده القانون، وعدا ذلك فإننا نفضّل، ألف مرةٍ، أن ندفع ثمن ممارسة الحرية على أن يدفع الرأي العام ثمن تدوير الزوايا وإخفاء الحقائق أو السقف المنخفض الذي هو عملياً رقابة ذاتية أخطر من الرقابة التي تفرضها القوانين والسلطات.لا يسعني هنا إلا أن أذكّر بأنني حين كنت رئيساً لتحرير «القبس» كنتُ أسمحُ بنشر مقالاتٍ تنتقدني شخصياً لا بل تحمل عليّ بافتراءاتٍ وتجنٍّ. ونحن هنا في «الجريدة»، حتى إن كنا غير مقتنعين ببعض ما يُكتَب ولا نشارك صاحب الرأي أفكاره في بعض الأحيان، فإننا لسنا في وارد تقييد حرية كاتب أو حصر المواضيع بهدف إرضاء الجميع. فلقد ارتضينا في الكويت النظام الديمقراطي وحرية الإعلام ويجب أن نبقى مستعدين لقبول نتائج هذا الخيار الوطني الصائب وإن تضمن بعض السلبيات.هذا هو ردّي على كلّ المراجعين اليوم، وهو ردي غداً وفي كلّ يوم، راجياً أن يتّسع له صدر الجميع، وانطلاقاً من هذا المبدأ بالذات أؤكد هنا أنّ باب الردّ على كل ما يرد في مقالات كُتّاب «الجريدة» مفتوحٌ لكلّ مَن يحب التوضيح أو إبداء الرأي والتواصل.