الوشيحي والإعلام الفاسد

نشر في 11-02-2009
آخر تحديث 11-02-2009 | 00:00
 أحمد عيسى مع بداية العام الجاري، أضيف إلى خطابنا السياسي مصطلح «الإعلام الفاسد» الذي أسسه رئيس اللجنة التعليمية بالبرلمان الدكتور فيصل المسلم، واستعارته منه الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) ليكون أهم أركان حديثها عن استجوابها المزمع لرئيس الحكومة بعد خمسة أسابيع.

النائب المسلم و«حدس» التقت خطوطهما عند نقطة الاستجواب، فتعرضا إلى حملة محمومة تقودها أطراف متضررة من تقديم الاستجواب لثنيهما عن قرارهما، ومن الطبيعي في مجتمع حر، أن يكون الإعلام ساحة هذه المعركة السياسية.

«إن لم تكن معي فأنت ضدي»، هذه المقولة رسختها الممارسة السياسية المحلية، فسادت المجتمع منذ عام عبارات تخوين ومصطلحات قميئة تحط من قيمة الآخر، وقادت مؤسسة إعلامية حرب تصفية سياسية هيَّجت فيها الشارع ضد فئة تختلف معها، فكان بديهيا وسط هذه الفوضى أن يغيب القانون، لأن المعني بتطبيقه غير مدرك لمسؤولياته الأخلاقية والسياسية والوطنية، فتعذر عليه أمام كل هذا القيام بما يلزم لتهدئة الاحتقان الذي تشهده البلاد منذ ذلك الوقت، وأعني هنا تداعيات أزمة التأبين التي حدثت قبل عام بالضبط.

إن انحراف بعض وسائل الإعلام يجب أن يقابله تفعيل في تطبيق القانون، وليس تحويل الخصومات السياسية إلى معارك، يُطلب منا الدخول فيها دون أن يشارك المعنيون في خوضها، ويجب على «حدس» أن تتعامل بشفافية مع موضوع الإعلام الفاسد، وتسمي الأشياء بمسمياتها، ففي الكويت اليوم 14 صحيفة يومية تصدر بالعربية، و3 تصدر بالإنكليزية، وواحدة بالأوردو، إلى جانب 5 قنوات فضائية تناقش شؤونا محلية، وأخرى تتابع من بعيد، ناهيك عن أكثر من عشرة آلاف مدونة إلكترونية يحررها ناشروها من الكويت، و3 مواقع إخبارية إلكترونية محلية، وأكثر من خمسة مشغلي خدمات إخبارية عبر الأجهزة النقالة.

لذلك فعلى «حدس» اليوم أن ترسم لنا حدود دائرة الإعلام الفاسد، لا أن تطلب منا الوقوف معها ومحاربة أشباح، معتمدة على خيالنا في تحديد ما هو الفاسد من غيره، فهل الإعلام الفاسد عندها هو المُمول بمال سياسي، أم الذي استباح أصحابه المال العام، أم الذي يُستخدم كوسيلة ابتزاز وضغط لتحقيق إثراء غير مشروع، أم من يتبنى موقفا معاديا من النواب والبرلمان، ويدعم الحكومة ورئيسها، أم لها تعريف آخر نجهله؟!

***

الصديق/الزميل محمد الوشيحي انتقل الأسبوع الماضي من أخيرة «الراي» إلى «الجريدة»، فكان أن غادر بيتاً كريماً إلى بيت كريم، دون ضجة أو جلبة، وهو ما يؤكد أن الإعلامي المحترف اليوم يستطيع أن يلعب على أي أرض، وهذا من مكاسب التطور الإعلامي الذي نشهده، ويؤكد أيضا أن قرار أي كاتب بتبني وجهة نظر معينة أو تسويق أخرى بالإمكان القيام به دون تجاوز القانون، أو تجريح، لذا وجد الوشيحي قلوبا مفتوحة له قبل صفحات هذه «الجريدة»، ومثله كثيرون في مؤسسات أخرى، تماما مثلما هو العكس مع غيره.

الإعلام مشروع تجاري، يخضع لتوجهات ومصالح أصحابه، والقارئ والمشاهد يملكان حق تقرير ما يتابعانه، وبإمكانهما في أي لحظة طي الصفحة أو تغيير القناة، لكن هذا لا يعني غض النظر عمن يقود عمليات شراء محمومة وسيطرة على وسائل إعلام، وسط تخوفات من أن تكون تحضيرا لمرحلة مقبلة ستغلق فيها جميع منابر التعبير أمام معارضيها، لأن ما يحدث في الشارع الإعلامي أخطر بكثير من فساد بعض المؤسسات بحسب ادعاءات النواب.

back to top