المهرجانات السينمائية وحدها القادرة على أن توفر لنا فناً سينمائياً راقياً ومغذياً للروح، ومنشطاً للفكر بكم هائل من المعرفة المشحونة بكل أنواع التقنيات الحديثة، والأفكار الجريئة، وطرح مواضيع للتناول من وجهات نظر جديدة، وهذا هو دور السينما والفن بشكل عام. التحريض والتحريك والتغير، والدفع إلى الأمام.
أنا تقريباً لا أذهب إلى السينما إلا نادرا، ما لم يكن هناك فيلم يستحق المشاهدة وعناء الذهاب إليه، ولكني أحرص على حضور المهرجانات السينمائية كلما تمكنت من ذلك، لأنها تستحق المشاهدة وخارجة عن سينما المراهقين، وأقصد بها تلك الأفلام الخفيفة، أو أفلام الأكشن أو الرعب وغيرها. تمنيت كثيرا لو كان عندنا مهرجان سينمائي في الكويت، وخصوصا أن دولتنا قادرة على احتضان مهرجان للسينما، ووضع شروط خاصة، وقيود تحدد نوعية الأفلام المشاركة، بحيث تُستبعد الأفلام التي تتناول مواضيع العلاقات الجنسية الفاضحة، أو تلك التي تتعلق بالديانات أو أي نوع من المحظورات. على كل حال ربما يأتي هذا اليوم قريبا بجرة قلم جريئة. المهم، وما أود أن أتكلم عنه هو مهرجان «كارلوفيفاري رقم 43» الذي أقيم في الفترة بين 4 -12يوليو 2008 شارك في هذا المهرجان 59 دولة، وبلغ عدد الأفلام المشاركة 477 فيلماً. الحصة الأكبر لأميركا التي وصل عدد أفلامها إلى 38 فيلما، وتلتها بريطانيا التي شاركت بـ32 فيلما، ثم التشيك بـ27 وفرنسا بـ23 وألمانيا بـ21. عرضت الأفلام في 12 داراً للسينما منها المؤقتة والدائمة، ويعرض في كل يوم من أيام المهرجان 59 فيلما تقريبا من الساعة التاسعة صباحا إلى منتصف الليل، ومع كل هذا الكم الهائل من الأفلام المعروضة إلا أن هناك صعوبة في الحصول على التذاكر، فبمجرد أن تُفتح شبابيك بيع التذاكر، تنفد كلها في غمضة عين، وهي المشكلة الأزلية في المهرجانات، ولكني تمكنت من حضور 17 فيلماً من أصل 477. حرصت أن أشاهد أفلاماً من الشرق الأقصى مثل اليابان، تايوان، الصين، كوريا، تايلند، الهند، وكذلك إيران، والغريب هو امتلاء السينما عن آخرها، بالحضور الأوروبي، يبدو أن عالم الشرق له سحر خاص لدى هذه الشعوب، وللأسف لا توجد أية مشاركة عربية باستثناء مهرجان كان، كذلك لا توجد تغطية صحافية عربية للمهرجان، ربما كانت هناك تغطية مصرية. نجم المهرجان لهذا العام هو الممثل الأسطورة روبرت دي نيرو، الذي تزاحم الناس تحت مظلاتهم ساعات في انتظاره، برغم المطر والهواء البارد، وبالطبع لم أستطع أن أحقق لابني أمنيته بالحصول على توقيعه. الملاحظ في هذا المهرجان وغيره من المهرجانات السينمائية التي حضرتها أخيرا التركيز على تناول حياة الأطفال في الأفلام، وهو أمر إنساني ومؤثر، ولكن الخوف من أن ينقلب هذا الاهتمام إلى سلعة لاقتناص واستدرار عواطف المشاهدين، وبالتالي اكتساب الأهمية للفيلم ولقيمته الفنية، والملاحظة الأخرى هي تركيز الضوء على أفلام عمال المناجم وحياتهم، وأكيد هناك الكثير والكثير من الملاحظات. قد فاتني اكتشافها لاستحالة مشاهدة هذا الكم الهائل من الأفلام السينمائية في وقت قصير، سألقي بعض الضوء على ما شاهدته من أفلام، وربما يكون بالإمكان الحصول عليها عن طريق الانترنت، وذلك لجودتها وتميزها، وسأتناول بعضها في هذه المقالة، والأهم في المقالة القادمة. الفيلم الهندي يصور قرية تطلب من العاصمة إرسال صياد محترف ليصيد ثورا مسيطرا على حياة القرية كلها valu، ويأتي الصياد مع فريق التصوير التلفزيوني لنقل أقوال الفلاحين، وهنا تنقل الكاميرا أحلامهم وعقدهم ورغباتهم العفوية والبسيطة. الفيلم كوميدي شعبي، بعيد عن بهرجة بوليود والأغاني المحشورة وملكات الجمال والفبركة المملة. فيلم Of Time And The City من إخراج Ternce Davies الذي يعود فيه إلى أماكن طفولته في ليفربول ويتذكر تلك الأماكن التي نهرب منها، ثم نقضي العمر في محاولة العودة إليها، هو فيلم في غاية الروعة والجمال.
توابل - ثقافات
سينما ذات مذاق متفرد -1
28-07-2008