ألف شكر لأولئك الرائعين من عشاق الكتب والقراءة الذين كانوا هم أجمل ما في معرض الكتاب العربي لهذا العام، وألف شكر لمركز تنوير على تلك الاحتفالية البديعة التي أشعرتنا بالحياة ولكل من حضروها وساهموا في إنجاحها.

Ad

تحت وطأة الاحباط المتفشي بسبب أوضاعنا السياسية المتأزمة، أو لنقل المصابة بالشلل حتى نكون أقرب إلى الصواب، هذه الحالة التي تكاد تأتي علينا جميعا منذ فترة ليست بالقصيرة، وتحت ثقل الإحساس بانعدام الهواء وضيق النفس والشعور بالتيه والقلق من المستقبل في ظل سلطتين فاقدتين للقيمة الحقيقية، جرى خلال الأسابيع الماضية نشاطان نورانيان جميلان، كانا بالنسبة لي بمنزلة نجوم جميلة لامعة في ليل بهيم!

النشاط النوراني الأول هو معرض الكتاب العربي (33) الذي أقيم في النصف الثاني من شهر نوفمبر. وكنت من المداومين على زيارة المعرض بشكل يكاد يكون يوميا، وبالرغم من خلو النشاط من روح التجديد والإبداع واقتصاره على تكرار ذاته عاما بعد عام بلا أي إضافة تذكر، وبالرغم من الهزال الواضح في التنظيم، والمتمثل في أبسط الأشياء كعدم وجود عربات للزوار لحمل المشتريات، ومثل السماح لكثير من دور النشر والمكتبات بحزم الكتب ووضعها في الصناديق في اليوم الأخير من المعرض بالرغم من عدم انتهاء الزمن المعلن للجمهور، دون أي احترام للفكرة الثقافية والقيمة الأدبية للنشاط وكأنه لا يفرق عن سوق شعبي أو بسطة خضار شارف وقته على الانتهاء، وبالرغم من مذبحة الرقابة السنوية التي تتعرض لها دور النشر ومنع الكثير من العناوين التي توجد في معارض الشارقة وقطر والبحرين بل والرياض، أقول بالرغم من كل هذا الظلام، فإنني كنت أرى نورا في المشهد.

كم كنت سعيدا برؤية مجاميع لا بأس بها من المهتمين بالكتب ومن عشاق القراءة من الثقافات المختلفة، خصوصا من الشباب والشابات، وكم كنت سعيدا وأنا أرى التوصيات التي كانوا يتداولونها فيما بينهم للبحث عن هذا الكتاب وذاك وزيارة هذه الدار وتلك المكتبة. كان شيئا مبهجا أعطاني شعورا بالاطمئنان من أنه لايزال بين ظهرانينا نبض خير، فالشعب الذي يقرأ هو شعب يرتقى... وهو شعب لا يجوع ولا يُستعبد.

النشاط النوراني الثاني هو احتفالية التنوير التي حملت عنوان «التنوير... إرث المستقبل» التي نظمها مركز الحوار للثقافة «تنوير» بالتعاون مع الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، وبالرغم من أنه لم يتسن لي إلا حضور الفعالية الأولى من هذه الاحتفالية البهيجة والتي تمثلت في محاضرة للمفكر الشهير د. محمد أركون، فإنه كان مشهدا رائعا وأنا أرى ذاك الجمع الحاشد من المهتمين بالثقافة والفكر من الأعمار والهيئات المختلفة الذين حرصوا على الحضور إلى هذه الاحتفالية في تلك الليلة الشتوية الباردة. كنت أشعر بالأسر لجمال تلك اللحظات المتألقة كلما تذكرت جلبة طبول وبرودة عواصف الصراعات السياسية خارج جدران تلك القاعة الدافئة التي ضمتني وبقية الحضور، تلك الصراعات التي أخذت بالألباب واستحوذت على انتباه الناس وسرقتهم من التفكر في جمال الحياة وروعتها وبهاء نورها.

ألف شكر لأولئك الرائعين من عشاق الكتب والقراءة الذين كانوا هم أجمل ما في معرض الكتاب العربي لهذا العام، وألف شكر لمركز تنوير على تلك الاحتفالية البديعة التي أشعرتنا بالحياة ولكل من حضروها وساهموا في إنجاحها.

***

سأبدأ ونادي القراءة- الذي أنا عضو فيه- بقراءة كتاب جديد بعنوان «الراهب الذي باع سيارته الفيراري»، وهو يدور حول وصول الإنسان إلى أهدافه وتحقيق أحلامه، وعن القيمة الجوهرية للحياة بعيدا عن الزخارف الظاهرية، وذلك من خلال قصة تمزج ما بين الحكمة الروحانية السرمدية للشرق ومبادئ النجـاح الحديثة. يمكن لمن يرغب في الاشتراك أن يتواصل معي.