ما الفرق بين اقتراح راعي الفحماء ومشاورات باراك أوباما لتشكيل إدارته القادمة. أوباما الرئيس وليس النائب، والفائز فوزا كاسحا بشخصه رغم انتمائه إلى أقلية عرقية لا نتاج انتخابات فرعية أو فزعة قبلية، يصر على أن تكون حكومته حكومة وحدة وطنية ممثلة لكل الأعراق والأديان والخلفيات؟!

Ad

صرح النائب راعي الفحماء (على ذمة كويت نيوز) بأن «حكومة 96 ضمت 6 وزراء عوازم وكانت مستقرة، وأتمنى إعادة التجربة»... قبلها طبعا صدرت تصريحات متوالية لنواب آخرين حول الأزمة الاقتصادية العالمية وربطها بالابتعاد عن الدين والمعاملات الربوية، ولا يمكننا طبعا أن ننسى قبلها ربط الغبار والحرارة وحتى الزلازل والفيضانات بالغضب الإلهي، ناهيك عن التصريحات النارية والمثيرة للتأزم الطائفي والقبلي... أمثلة بسيطة بعددها ولكنها ثقيلة بمدلولاتها.

فأصحاب مثل هذه الآراء النيرة ليسوا برجال الشارع البسطاء، بل هم «السلطة التشريعية» في البلد، وهم من يفترض بهم انتشالنا من الدوامة القاتلة التي عجزت عن وقفها عقول كبار اقتصاديي وسياسيي العالم، والأمرّ أن الدمار لا يتوقف عند التصريحات والتحليلات، بل يتعداها لاتخاذ قرارات مصيرية بنفس المقاييس ونفس المنطق، فرغم كل التحذيرات والمؤشرات والحجج المنطقية والعلمية أصر هؤلاء على زيادات الرواتب الشاملة، وعلى تبذير الفوائض النفطية وكأنها دائمة، لا بل تعدت ذلك إلى المزيد من التبذير والصرف على شكل منح وهدايا لمن يستحقها ومن لا يستحقها كإسقاط القروض وشراء المديونيات.

وحتى بعد أن أصبحت الأزمة الاقتصادية أمراً واقعاً، وتدنى سعر البترول إلى أقل مما بُنيت الموازنة العامة عليه بكثير، وظهرت الأرقام والتقارير التي توضح حجم المأزق الذي تمر به مؤسسات القطاع الأهلي والخاص، هل اعتذر أحدهم عن التسرع في اتخاذ القرارات؟ وهل- كحد أدنى- أقر أحدهم بأهمية استشارة «أهل العلم» قبل توريط الدولة بكاملها بأعباء لا يمكن لها تحملها؟ لا طبعاً! بل نسمع تهديدات و«أوامر» مسلم البراك وغيره بعدم تقليص حجم العمالة الكويتية وعدم إنهاء خدمة أحد، وعدم دفع أحد للتقاعد المبكر... إلخ. هكذا أوامر وأحلام وردية دون أي حلول عملية أو تحليلات علمية!

أقارن اقتراح راعي الفحماء بمشاورات باراك أوباما لتشكيل إدارته القادمة. أوباما الرئيس وليس النائب، والفائز فوزا كاسحا بشخصه رغم انتمائه إلى أقلية عرقية لا نتاج انتخابات فرعية أو فزعة قبلية، يصر على أن تكون حكومته حكومة وحدة وطنية ممثلة لكل الأعراق والأديان والخلفيات ليضمن نجاحه في انتشال بلده من المآزق التي خلقتها إدارة بوش.

وأقارن تصريحات البراك بمفاوضات الكونغرس الأميركي مع مصانع السيارات التي توظف الملايين وتساهم بشكل مباشر في الاقتصاد القومي والعالمي، ومع ذلك يتقدم المشرعون بحذر شديد في محاولاتهم حماية تلك المصانع من الإفلاس. لا بل يتفاوضون مباشرة مع اتحادات العمال لجعلهم يتحملون جزءاً من المسؤولية/الثمن بأن يتنازلوا عن مزاياهم ويقبلوا بتخفيض العمالة والأجور.

الفرق هو نعمتا العلم والحكمة... فسبحان الذي يعطي من يشاء، ويأخذ ممن يشاء بغير حساب!