لم يكن في حسبان أحد أن يتقدم بعض أعضاء مجلس الأمة باقتراح يقضي باعتبار عقد أملاك الدولة مع المجلس الأولمبي الآسيوي ملغى لمخالفته صريح القانون، والطلب من مجلس الوزراء فسخ العقد المبرم بين وزارة المالية (إدارة أملاك الدولة) والمجلس الأولمبي الآسيوي بخصوص مشروع المجمع الأولمبي الآسيوي، والذي زادت تكاليف إقامته على ثلاثين مليون دينار كويتي تحمّلها المجلس الأولمبي!.حكاية المجلس الأولمبي الآسيوي، انه منظمة دولية تضم في عضويتها أكثر من 45 دولة آسيوية من كازاخستان في شمال آسيا إلى إندونيسيا في جنوبها، ومن اليابان في غربها إلى لبنان في شرقها.
وقد أنشئ المجلس كغيره من المنظمات الأولمبية لتطوير الألعاب الآسيوية في المجالات الرياضية كافة، وما يرتبط بها من مجالات ثقافية وتربوية، وبدأ مسيرته منذ عام 1982، حيث كان له خلالها موقف مشرف من العدوان العراقي على الكويت، إذ قرر طرد العراق من عضوية المجلس وحرمانه من المشاركة في البطولات الآسيوية، وبناء على اتفاق مع حكومة الكويت، اتخذ المجلس الأولمبي الآسيوي الكويت مقراً له، لتتبوأ من خلاله مكانة دولية بين الدول الأعضاء فيه وبين سائر المجالس الأولمبية في العالم.
وعندما سمحت الكويت للاتحادات والأندية والهيئات الرياضية جميعها باستثمار الأراضي المخصصة لها، لتوفير الأموال اللازمة لها للقيام بأغراضها وتحمل مسؤولياتها، دفعاً للحركة الرياضية، كان لكل منها مشروعه الذي تقدم به إلى مجلس الوزراء وإلى بلدية الكويت وأملاك الدولة وحصل على موافقاتها وأقام كل مشروعه.
وهو ما فعله المجلس الأولمبي الآسيوي، الذي حصل من مجلس الوزراء في مايو عام 2003 على موافقته على تخصيص العقارات اللازمة له، كما حصل على موافقة المجلس البلدي، وأبرم عقد إيجار مع أملاك الدولة عام 2004 بالقيمة والمدة والشروط ذاتها التي أبرمت بها عقود تأجير أراضي الدولة إلى الاتحادات والهيئات والأندية الرياضية الأخرى، وأعطيت له التراخيص اللازمة للبناء، مع الالتزام في ذلك كله بالأنظمة المعتمدة في البلدية بالنسبة إلى أغراض البناء في كل منطقة؛ سكنيا... إداريا... تجاريا... استثماريا، ليعكس مشروع بناء المجمع الأولمبي الوجه الحضاري لدولة الكويت، وليدار من خلال كوادر كويتية ذات خبرات رياضية دولية، وليفتح المشروع أبواب الأكاديمية الأولمبية الآسيوية التي يضمها لتأهيل الكوادر الوطنية والآسيوية لقيادة الحركات الرياضية ورفع سمعة الكويت عالمياً.
وهو مشروع سوف يجلب إلى الكويت الاستثمارات العالمية، بما يتماشى مع السياسات العامة التي تستهدف تحويل الكويت إلى مركز مالي عالمي.
وفي منتصف عام 2003 أبرمت حكومة الكويت والمجلس الأولمبي اتفاقاً دولياً لتنظيم الوضع القانوني للمجلس، وذلك في ما يتعلق بالامتيازات والحصانات التي يتمتع بها المجلس وموظفوه باعتباره منظمة دولية، تتخذ الكويت مقراً لها.
وأحيل مشروع قانون بالموافقة على هذا الاتفاق إلى مجلس الأمة في يناير سنة 2004، والذي نظرته في اجتماعاتها المعقودة بتاريخ 21/11/2004 و22/12/2004 و22/6/2005، لتقرر بإجماع آراء الحاضرين من أعضائها الموافقة على المشروع، وقدمت اللجنة تقريراً بذلك إلى مجلس الأمة الذي وافق عليه وصدر به في 27 مارس 2006 القانون رقم 6 لسنة 2006.
وتنص هذه الاتفاقية في مادتها الخامسة على حصانة وامتيازات المجلس فتقضي بأنه:
1- يتمتع المجلس وأمواله وممتلكاته بالحصانة من أي شكل من أشكال الإجراءات القانونية.....
2- حرمة مباني المجلس مصونة وتتمتع ممتلكاته وأمواله وأصوله، أياً كان موقعها في دولة الكويت وأياً كان حائزها، بالحصانة فلا تخضع لإجراءات التفتيش أو المصادرة أو الحجز أو أي شكل من أشكال التدخل الأخرى.
وكانت هذه المعلومات والوقائع كافة معلومة بالضرورة لأعضاء مجلس الأمة، عند موافقتهم على مشروع القانون، كما كانت معلومة لي شخصياً بحكم عملي خبيراً قانونياً بالمجلس.
لذلك لم يكن في حسبان أحد أن يتقدم بعض أعضاء مجلس الأمة باقتراح يقضي باعتبار عقد أملاك الدولة مع المجلس الأولمبي الآسيوي ملغى لمخالفته صريح القانون، والطلب من مجلس الوزراء فسخ العقد المبرم بين وزارة المالية (إدارة أملاك الدولة) والمجلس الأولمبي الآسيوي بخصوص مشروع المجمع الأولمبي الآسيوي، والذي زادت تكاليف إقامته على ثلاثين مليون دينار كويتي تحملها المجلس الأولمبي.
وهو الأمر الذي أكدته ديباجة الاقتراح التي أشارت إلى كون المجلس منظمة دولية.
ونظراً إلى ما يترتب على صدور مثل هذا القرار من تداعيات دولية ودستورية وقانونية، فقد يكون مفيداً وضع النقاط على الحروف بالنسبة إلى القوة الملزمة للاتفاقيات الدولية طبقا لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات وطبقا للقانون رقم 6 لسنة 2006 بإقرار هذه الاتفاقية الدولية التي تقرر بعض القوانين علوها على القانون ذاته، فضلاً عما يترتب على الإخلال باتفاق دولي من مخالفة لروح الدستور الكويتي المستلهمة من المادة 173، وهو ما سنتناوله بالتفصيل في المقال القادم بإذن الله.