قبعات التفكير الست... والحكومة الجديدة
ابتدع الدكتور إدوارد دي بونو، وهو عالم متخصص في أنماط التفكير، نظاما خاصا أسماه «قبعات التفكير الست»، تقوم فكرته على أنه يجب على الإنسان عند النظر إلى أي موضوع أن يدور بتفكيره بطريقة موضوعية متتالية ما بين رصد الحقائق والبيانات والبحث عن الإيجابيات والسلبيات وتحديد عناصر التفاؤل والتشاؤم، لينتهي بعدها إلى الحكم العام تبعا لما رجح عنده على الميزان، وقد رمز لهذا النظام بمن يرتدي قبعة محددة بلون من التفكير، ثم يخلعها ليرتدي قبعة أخرى بلون آخر من أنماط التفكير وهكذا، فيعطي للمسألة الفرصة لتقليبها على كل وجوهها.وبالرغم من كوني ممن درسوا هذا النظام كثيرا فاستوعبته نظريا بشكل عميق، حتى ظننتني قد تشربته بالكامل على مستوى السلوك، إلا أنني وجدتني حين أعلنت الحكومة الجديدة بالأمس وقد اعتمرت القبعة السوداء طوال اليوم فصرت لا أرى إلا السلبيات وعلامات الأزمات وأمارات الإخفاق، لأنام بقبعة حمراء تحيط بي مشاعر محبطة يائسة!
بالأمس لم أكن أرى إلا أزمات قادمة مع عودة أحمد الفهد، وجابر المبارك، وجابر الخالد، وأحمد العبدالله، ومصطفى الشمالي، ومع وضع موضي الحمود على رأس وزارة التربية، وهلال الساير على رأس وزارة الصحة، وكنت تائها عن إدراك معنى أن يجعل روضان الروضان وزيرا لشؤون مجلس الوزراء في حين أنه كان على وزارة الصحة التي بدأ فيها عملا طيبا كان يتطلب استمراره على رأسها، وأن تُجمع حقيبتا النفط والإعلام، وكلتاهما صعبة مدلهمة، عند وزير واحد، بل أن يكون أحمد العبدالله، وأن تُجعل وزارتا المواصلات وشؤون مجلس الأمة عند محمد البصيري مع عدم وجود رابط بينهما!وأعترف بأني نمت مستعسرا غير سعيد، لكنني، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، حين أفقت، فتعوذت بالله من الشيطان الرجيم وتوضأت وصليت، تذكرت قول الله (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)، فطرحت عني القبعة السوداء التي أنهكت نفسي، واعتمرت قبعة التفاؤل الصفراء، وأتبعتها بالخضراء بحثا عن فرص النجاح! لنتفاءل يا جماعة، فالدكتور محمد الصباح لايزال على رأس وزارة الخارجية، وهو عنصر إيجابي ممن تعلق عليهم الآمال عموما. والمستشار راشد الحماد كان رئيسا لمجلس القضاء الأعلى، وليس أقدر منه على قيادة وزارة العدل، وإن كان عليه أن يهيئ نفسه للدخول في عالم العمل العام المعرض للنقد والتوجيه بقسوة وشدة أحيانا، بعدما كان ولسنوات طويلة في مناصب محصنة من الانتقاد. وأحمد الفهد صاحب طاقة جبارة وكاريزما طاغية وقدرات على التواصل والتأثير ليس لها مثيل، وكل هذا يجعل منه عنصرا قويا فاعلا لو هو دار في المدارات السليمة وأصلح وأحسن عملا. وأحمد الهارون من رجالات غرفة التجارة والصناعة وعضو سابق في اللجنة العليا للتنمية وإصلاح المسار الاقتصادي وفي المجلس الأعلى للتخطيط، ولديه من الخبرة ما قد يمكنه من قيادة وزارة التجارة. ود.بدر الشريعان طاقة شابة مليئة بالحماس من أصحاب التخصص والتفكير الإداري السليم ولعل هذا يفيده لعمل شيء في وزارة الكهرباء والماء. وروضان الروضان رجل مثابر جاد مقبول شعبيا والدليل نتيجته الانتخابية، وقد كانت تجربته الوزارية في الصحة إيجابية إلى حد كبير، وأظنه سيكون وزيرا ممتازا لشؤون مجلس الوزراء. ود.فاضل صفر مثابر نشط كذلك وقد كانت تجربته الوزارية السابقة جيدة جدا ورائع أنه أُعطي الفرصة مرة أخرى لمواصلة ما بدأه من مشروعات. ود.محمد العفاسي عنصر جديد يدخل إلى هذا العالم، إلا أن معرفتي به تفيد بأنه رجل كفء ممن يعملون بصمت ومثابرة، وإن كنت حتى اللحظة لا أدري ما علاقته بوزارة الشؤون، وماذا يمكن له أن يقدم فيها لكن سنتأمل به خيرا. ود.موضي الحمود، مهما حاولوا تشويه فكرة استلامها حقيبة وزارة التربية لأنها ليبرالية، كانت صاحبة تجربة وزارية جيدة جدا لذا آمل أن تقدم شيئا في وزارة التربية بعيدا عن المحسوبيات وعبر تلافي الأخطاء «السياسية» التي وقعت فيها سابقتها نورية الصبيح. ود.هلال الساير من أبناء وزارة الصحة ومن العالمين بمواطن الخلل فيها، وبتجاوز أزمته سابقا مع الإسلاميين، ويجب علينا ذلك، فيمكن له عبر استخدام الأدوات الإدارية الصحيحة أن يصلح أشياء كثيرة.التفاؤل جميل ومفيد للصحة النفسية... فلنتفاءل، ولنرجُ من الله خيرا! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء