تصنف مراكز مراقبة الانتخابات مفهوم العنف الانتخابي إلى عنف جسيم وآخر غير جسيم، والعنف الانتخابي لا يعني بالضرورة فقط العنف الجسدي، فهو حسب التصنيف أعلاه يضم أفعالاً كالاغتيال ومحاولة الاغتيال والاعتداء الجسدي والاختطاف وإشعال الحرائق والسرقة والابتزاز وتدمير الممتلكات والتهديد والتشهير المنظم.

وللأسف فإن العنف الانتخابي يُمارَس في كثير من دول العالم، وأغلبها من دول العالم الثالث، ويصبح الوضع أكثر فداحة عندما تكون الحكومة هي الطرف المتهم بالإتيان بمثل تلك الأفعال، خاصة تلك التي يغلب عليها نمط العنف الجسدي.

Ad

وتتميز الانتخابات الكويتية عموماً بخلوها من أحداث العنف الجسدي سواء من طرف الحكومة أو من جهة المرشحين ومناصريهم. بل إن المراقبين والصحافيين الأجانب يستغربون حالة الود الظاهري والهدوء الطاغي على مجريات الانتخابات الكويتية، ويسجلون في تقاريرهم بإعجاب كيف أن المرشحين يقفون جنباً إلى جنب في مراكز الاقتراع يتبادلون أطراف الحديث دون تشنج ظاهر، صحيح أن ما في القلوب قد يكون مخالفاً للظاهر، ولكن السلوك الظاهري هو سلوك راقٍ، سلمي، يثير الإعجاب.

وقد لفت انتباهي في الندوة الأخيرة للمرشح حسين الحريتي تهجُّم أحد الأشخاص على المرشح، وقد تمكن الحريتي من احتواء الموقف. ولابأس بالأمر إن افترضنا أن الحادثة كانت عابرة وغير مدبرة من خصوم المرشح لإعطاء انطباع إعلامي بأنه غير مرغوب فيه، ولكن ماذا لو تكررت مثل هذه الأفعال بمستوى أكثر خشونة وأكثر تنظيماً، ثم قام مناصرو المرشح بالتعامل بعنف وتحولت الندوة إلى عنف جسدي.

وكذلك فإن جانباً آخر من العنف الانتخابي برز علينا في هذه الانتخابات عن طريق استخدام أسلوب التشهير المنظم، حين قامت مجموعة سياسية بقص ولزق محاضرة جامعية للدكتورة أسيل العوضي، ونشرها على موقع اليوتيوب بصورة توحي بأنها تتبنى آراء معينة بهدف الإضرار بها انتخابياً، وكم كان مؤسفاً ومحزناً دخول جماعات سياسية وكتاب انطلاقاً من أن ذلك الشريط المفبرك حقيقي ويعبر عن رأيها دون الأخذ في الاعتبار أن مثل هذا الفعل يجرمه القانون الانتخابي، وأن ذات الفعل من الممكن أن يمس آخرين، وعلى أية حال فإن الموضوع الآن قد أصبح في الدائرة الجنائية، وسيؤدي التحقيق قريبا الى إلقاء القبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة لوضع حد لهذه الممارسات الشائنة التي قد تمس أي مرشح مستقبلاً.

ويبدو من المؤشرات الأولية أن حالة القلق والتوتر بين المرشحين وربما بين مناصريهم تزيد في معطياتها عن جميع الانتخابات التي مضت، وقد تؤدي هذه الحال إلى خروج بعض المرشحين عن السلوك السلمي المعتاد والتحرش بمرشحين آخرين منافسين لهم، وذلك قد يحدث حالة من الفوضى والاحتكاك ثم الصدام والعنف الجسدي، لذا فإنه صار ضرورياً التنبيه على اللجان الانتخابية للمرشحين توخي الحذر، ووضع أعصابها في ثلاجة، ساعيةً إلى عدم السماح للاستفزاز اللفظي بأن يتحول إلى شيء آخر. كما بات ضرورياً أن تبذل وزارة الداخلية قصارى جهدها للتصدي لأي محاولات عنف من هنا أو هناك.

الانتخابات القادمة هي الانتخابات رقم 13، وهي ضمن سلسلة عملية سياسية سلمية لم تُرصَد فيها حالات عنف جسيمة، وهو أمر تتميز به الانتخابات الكويتية، يحق لنا أن نعتز به ونفخر، فإلى جميع من يهمهم الأمر، حكومةً ومرشحين ومناصرين وناخبين، نبيها هادئة كعادتها.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء