بينما ينكب العالم على سبر غور الكون والتعرف على ألغازه، نرى علماءنا مشغولين بقضايا أهم وأخطر وأكثر إلحاحا والمتمثلة في محاربة «الظاهرة» السيئة التي تسود المجتمع والمسماة بالقرقيعان، والآفة الأكبر التي تنخر بيوت المسلمين من الداخل متنكرة بهيئة الفأر ميكي وحليفه الفأر جيري!

Ad

يتابع العالم تجربة علمية خطيرة على الحدود الفرنسية السويسرية بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي تحاول إعادة أحداث الانفجار العظيم أو The Big Bang بخلق اصطدام بين شعاعين من البروتونات بسرعة الضوء مما يشطر تلك البروتونات إلى ما أسماها هيغز بوزن «جسيمات الآلهة»، وهي المادة التي يعتقد العلماء أنها تشكل ما يزيد عن 96% من الكون. حيث إن ما نراه في الكون مثل المجرات والنجوم والكواكب والغازات لا تشكل سوى 4% من محتواه. وهذه الجسيمات نظريا هي أصل الأشياء كلها في الكون ومن دونها لا يوجد شيء اسمه جاذبية أو حياة.

وهذه التجربة العظيمة ستثبت أو تلغي الكثير من النماذج الرياضية وتغير وجه قوانين الطبيعة (الفيزياء) التي اعتدنا عليها وتضع أسساً جديدة لنظرية خلق الكون. وهي احتمالات شغلت بال الفلاسفة وعلماء الدين لما لها من تبعات قد تغير تفسير الكثير من النظريات والتفسيرات للنصوص والقصص الربانية. وقد يعتقد المرء أن علماء المسلمين على رأس هؤلاء، وأنهم غارقون في دراسة النتائج المحتملة لهذه التجربة وتحليل آثارها على تفاسير القرآن وفهم الأحاديث النبوية بشكل عام وتلك التي تخص خلق الكون والإنسان بشكل خاص. خصوصا أنهم- على عكس الفاتيكان- كانوا ولازالوا من أعداء نظريتي الانفجار العظيم والتطور، وهنالك احتمال كبير أن تأتي تلك التجربة بإثبات أو على الأقل بدعم لأي من تلك النظريتين.

ولكن، ولله الحمد، علماؤنا مشغولون بقضايا أهم وأخطر وأكثر إلحاحا والمتمثلة في محاربة «الظاهرة» السيئة التي تسود المجتمع والمسماة بالقرقيعان، والآفة الأكبر التي تنخر بيوت المسلمين من الداخل متنكرة بهيئة الفأر ميكي وحليفه الفأر جيري! فقد انشغل علماء الدين في هذا الشهر الفضيل بنشر فتاوى تحريم القرقيعان والرسوم المتحركة لما لها من آثار واضحة برسم الابتسامة على وجوه الأطفال والسعادة بقلوب الكبار والعياذ بالله.

والسعادة خطر كبير على مستقبل الأمة ولابد من «استئصالها» كما نستأصل كل تكنولوجيا لا يمكننا التعامل معها؛ كـ«اليوتيوب» والإنترنت. فالمسلم السعيد والمقبل على الحياة لا يمكنه أن يتحول إلى «مجاهد» يغتال مسؤولي القنوات الفضائية «الداعرة» كما يأمره علماء الأمة، ولا أن يفجر نفسه في مجموعة من المدنيين العصاة، كما يحثه قادة الإسلام.

علماء الإسلام من الذكاء والحكمة لأن يعرفوا أنه لا داعي للاحتراز أو التحضير لمناقشة نتائج التكنولوجيا والعلم. لأنه على يدهم إن شاء الله لن نتمكن من أن نعرف نتائج التجربة أو غيرها من أحوال العالم بعد أن يعزلونا تماما عن هذا الكون البغيض بتحريم وسائل الاتصال والترفيه والإعلام كافة... قريبا بإذن الله.