نصيحة لوجه الله، من قلب صادق مخلص، إن كنت مريضا بالسكر أو القلب أو الضغط، أو كنت عصبيا تفقد أعصابك لأهون سبب، أن تتجنب قدر الإمكان- حفاظا على سلامتك وسلامة من معك- قيادة السيارة هذه الأيام، فلا تخرج من بيتك إلا لمصلحة عاجلة لا تحتمل التأجيل، فالدخول الى «ساحة الوغى» المسماة زورا وبهتانا «شوارع وطرقات»، مغامرة غير مأمونة العواقب، وقد تكون ذهابا بلا عودة، في ظل وجود نوعيات غريبة عجيبة من قائدي السيارات الذين امتلأت وغصت بهم الطرق، ممن لا يعرفون التزاما بقوانين المرور، ولا يتمتع كثير منهم بالحد الأدنى من الذوق والأدب والأخلاق!

Ad

السائق «النائم»، والسائق «المطيور»، والسائق «المغرور»، أصبحوا هم الأغلبية المطلقة اليوم في طرقاتنا، أما الملتزمون بأنظمة المرور وقواعد الأخلاق، فهم الأقلية المظلومة التي تطالب ببعض من حقوقها، من دون أن يكترث أحد لمطالبهم!

سأحدثكم عن مشهد يومي متكرر:

تخرج من بيتك صباحا متجها إلى جهة عملك، لا لك ولا عليك، يا فتاح يا عليم.. يارزاق يا كريم، أعصابك هادئة، وبالك رايق، وقلبك متفائل، تتجاوز شوارع المدينة الداخلية، لتنضم الى الركب في أحد الخطوط السريعة، ولأنك طوال عمرك، هادئ وخلوق ومؤدب ومعتدل في كل أمورك، فإنك تفضل السير بسرعة معتدلة، فخير الأمور أوسطها، وخير الحارات الحارة الوسطي، وهي المفضلة لديك والمناسبة لسرعتك المتوسطة، طبعا، هذا الكلام نظري، أما في الواقع فهو أمر مستحيل وغاية لا سبيل لإدراكها في طرقات الكويت، فها هو أحد الإخوة يقود سيارته أمامك وهو شبه نائم، وفي نيته، والله أعلم بالنوايا، أن «يلوع جبدك على الصبح»، فالطريق سريع والسرعة الأدنى 80 كم بحسب القانون، لكن الأخ الفاضل يمشي الهوينا «ولا على باله» وسرعته لا تتجاوز 30 كم، وهو كحكومتنا الرشيدة، لا نية له بأي «زيادة» تثقل كاهله! أمامك الآن خياران، أن «يعينك الله» فتسير بنفس سرعته، لتصل غدا أو بعد غد الى مقر عملك، أو أن تحاول تجاوزه متجها إلى الحارة اليسرى، وهو ما تقرر فعله بالفعل، لكنك للأسف «تقدر فتضحك الأقدار»، لأن مجموعة متتابعة من «المطافيق» الذين لا عقول لهم، يقودون سياراتهم بسرعة 150 كم أو أكثر في الحارة اليسرى، سيرغمونك على البقاء محلك حين يمرون «شاخطين» بجانبك، فتحمد الله على السلامة، وأنك لم تتهور وتتحامق بالانتقال الى تلك الحارة، وستدعو الله والدموع تتساقط من مقلتيك، أن يهدي الأخ النائم في وسط الطريق، فيزيد من سرعته ولو قليلا، لكن شيئا من ذلك لا يحدث للأسف الشديد، وصاحبك مرتاح آخر راحة بهكذا وضع، و«الهون أبرك ما يكون» شعاره الذي لن يغيره أبدا!

ستفكر حينها -بارك الله فيك- بالتوجه للحارة اليمنى، علك تجد لك مخرجا من هذه الأزمة المستعصية، لا أنصحك يا قرة عيني بذلك، لأن أرتالا من الباصات والشاحنات ونصف النقل، ستكون مصطفة بعضها خلف بعض كقطار، وقد اتخذوا من الحارة اليمنى مسارا لهم، ولن يتركوا لك أي مساحة ولو بسيطة للانتقال، وستسلم أمرك لله، وتقول «صبر جميل والله المستعان»، مواصلا سيرك خلف الأخ البليد بكل ما في قلوب البشر من ضجر وملل، لكنه لن يكتفي بذلك، بل سيحاول رفع ضغطك أكثر وأكثر، حين يرمي بقطف سيجارته المشتعلة، وقد انتهى منها، من نافذة سيارته الى الخلف، نحوك، لتتناثر جمراتها الصغيرة أسفل سيارتك!

ما هذا الغباء المستحكم يا إلهي؟! ألا يخطر على بال هذا الأحمق، ولو للحظة واحدة، أن شرارة صغيرة من سيجارته اللعينة التي رماها، قد تأخذ طريقها لمحرك سيارتك المليء بالبنزين والزيوت السريعة الاشتعال، فتحرق السيارة بمن فيها، وتتسبب بمأساة لم يحسب لها أحد حساب؟! ألا توجد مطفأة للسجائر في كل سيارة؟! فما الداعي لرمي السجائر على سيارات الآخرين، دون أدنى سبب؟! ألم يفكر لحظة واحدة، أين تذهب هذه السيجارة خفيفة الوزن، حين تمر بجانبها سيارات مسرعة، أليس من الممكن أن يرفعها الهواء، فتحط في محرك إحدى السيارات؟!

صوت في داخلك، يقول لك اتبعه، أوقفه، ثم «ازنطه»، وليكن بعدها ما يكون، صوت آخر يقول «حتزنط مين ولا مين» فكل يوم ستصادف هذه النوعية من البشر التي لا تعرف الالتزام بقواعد المرور، لسلامتهم وسلامة الآخرين، فصوت من ستسمع؟!

أظنك ستتبع الرأي الثاني، لكنني لست متأكدا من أنك ستتبعه للأبد، فربما يأتي يوم تفقد فيه أعصابك تماما، وتنفذ ما يدعو له الصوت الأول، لنجد صورتك تتصدر صفحة الحوادث في خبر يقول «جريمة قتل... والسبب سيجارة»!