Ad

يكثر الكلام عن وجود متنفذين أو بعض أبناء الأسرة الحاكمة، أو ما اصطلح على تسميته بـ«الرؤوس الكبيرة»، التي تقف وراء هذه القضية من الفساد أو تلك من الاختراق الأمني، وهذا في واقع الأمر فرصة على طبق من ذهب يجب على نظام الحكم أن يستغلها، عبر معاقبة تلك «الرؤوس» الفاسدة أمام الملأ.

فضيحة ضابط أمن الدولة وشريكه المسرّح من استخبارات الجيش، لا تعد مؤشرا خطيرا فقط لما وصلت إليه الأوضاع في وزارتي الداخلية والدفاع، بل لما آلت إليه الأوضاع في جميع أجهزة الدولة، سواء العسكرية أو المدنية، بعد أن عشّش الفساد فيها تحت نظر أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية.

مقولة «من أمن العقاب أساء الأدب» لم يعد لها وجود في الحالة الكويتية، بل لم يعد تطبيق «العقاب» مجديا في الأغلب، لأن الحس الوطني وصل إلى الحضيض، وعندما تصل الأمور إلى هذه المرحلة، فعلى الوطن والوطنية السلام، بعد أن بات دور الحكومة والمجلس إضفاء الشرعية على الفساد والمشاركة فيه.

في ظل هذه الحالة التي وصلت إليها البلاد، لا يمكن أن نعول على حكومة لا تملك من أمرها شيئا، أو مجلس أغلب أعضائه منغمسون في الفساد والتكسب غير المشروع... خذوا على سبيل المثال، نواب ووزراء ومتنفذون متورطون في تجارة الإقامات، ضباط وقياديون في وزارة الداخلية يتلقون الرشاوى لتمرير المعاملات، تجاوزات في صفقات تسليح الجيش، عمولات وتنفيع في عقود القطاع النفطي، اختلاسات في الاستثمارات الخارجية، تلاعب في سوق الأوراق المالية، تجنيس معياره الواسطة لا الاستحقاق، بعد أن تحولت الجنسية الكويتية إلى سلعة يحدد قيمتها العرض والطلب.

اللصوص والحرامية والسراق موجودون في كل زمان ومكان، وعندما يتعلق الأمر بمال، فالوضع «هين» على اعتبار أن المال يذهب ويعود، أما عندما يتعلق الأمر بأمن واستقرار الوطن، ومن أشخاص بحكم مواقعهم، هم المسؤولون عن حماية البلد، فهذا أمر خطير لا يمكن السكوت عنه، لذا فإن تورط بعض الوزراء والنواب ورجال الأمن في قضايا تؤثر في أمن وسلامة الكويت كقضية العمالة والتخابر لمصلحة جهات خارجية، هي «كارثة وطنية» نعيشها حاليا.

القياده العليا تدرك أن الكويت تعيش في إقليم مضطرب قد تتفجر فيه الأوضاع بين فترة وأخرى، وهي ليست غافلة عن حجم المخاطر التي قد تطولنا بغير قصد، أو تحاك لنا بتعمد من قبل جيراننا، لذا فإن الحزم والضرب بيد من حديد ضد من تسوّل له نفسه بيع الكويت، من أبناء هذا الوطن في قطاع الأمن تحديداً، هو ما يجب على القيادة فعله، بعد أن تحول بعض رجال الداخلية إلى «شباب غلاف» لكثير من الصحف يوميا، وكأنهم يكتشفون مخططات تخريبة، وليس مجرد القبض على وافد هندي يصنع أربع زجاجات «عرق» في الجليب، أو ثلاثة بنغاليين يسرقون أغطية المناهيل في بنيد القار.

في علاقة الحاكم بالمحكوم خصوصا في الكويت، لا وجود لقاعدة «السيف والمنسف» لاسيما في الجانبين السياسي والاجتماعي، أما إذا تعلق الأمر باستقرار البلد وهيبة «كرسي» الحكم وبقائه، فكلنا سيوف بيد النظام يجب أن يسلها من أغمادها، فلا مجال هنا «لحب الخشوم» وطلب العفو والمداهنة، فالقضية قضية وطن وشعب هما أمانة في عنق القيادة.

على كل وعند تفجر أي قضية فساد أو اختراق أمني كما يثار حاليا في موضوع ضابط أمن الدولة، أو كما أثير في ملف العمالة الأجنبية، يكثر الكلام عن وجود متنفذين أو بعض أبناء الأسرة الحاكمة، أو ما اصطلح على تسميته بـ«الرؤوس الكبيرة»، التي تقف وراء هذه القضية أو تلك، وهذا في واقع الأمر فرصة على طبق من ذهب يجب على نظام الحكم أن يستغلها، عبر معاقبة تلك «الرؤوس» الفاسدة أمام الملأ، ليثبت أن هناك بلدا محكوما، وقانونا يطبق على الكبير قبل الصغير، وقديما قالوا في المثل «اضرب الكلب يتأدّب الأسد»!!