انشغلت قيادات سياسية من الأكثرية النيابية اللبنانية الحالية (قوى 14 آذار)، وأخرى محسوبة على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، بمحاولة استكشاف خلفيات ما جاء على لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الكلمة التي ألقاها مساء الأربعاء الماضي، والتي تضمنت إعلان أسماء مرشحي الحزب الأحد عشر في الدوائر الانتخابية كافة، ليس من زاوية العملية الانتخابية بما تشمله من تحالفات وتنافس وإعادة تموضع محتملة، وإنما من زاوية قراءة نصرالله لأهمية نتائج الانتخابات المقبلة باعتبار أن المجلس النيابي الذي سينبثق عنها سيتولى انتخاب الرئيس المقبل للجمهورية.

Ad

فالمعروف أن الرئيس ميشال سليمان انتخب في مايو (أيار) الماضي لولاية من ست سنوات تنتهي في مايو (أيار) من عام 2014، في حين أن المجلس النيابي المقبل سينتخب في السابع من يونيو (حزيران) المقبل لولاية من أربع سنوات تنتهي في يونيو (حزيران) من عام 2013.

وعلى الرغم من أن أيا من الأوساط السياسية اللبنانية لم تتمكن من الجزم بما إذا كان ما ورد على لسان نصرالله مجرد زلة لسان، أم أنه يجسد فعلا الرؤية السياسية لـ "حزب الله" وحلفائه للمرحلة المقبلة، فإن هذه الأوساط أبدت مخاوف جدية من أن تكون الأقلية الحالية (قوى 8 آذار) تسعى الى إحداث تغييرات جذرية في السلطة انطلاقا من الانتخابات النيابية المقبلة، على قاعدة خطوات عدة تكشف المعارضة عنها تباعا.

فبعد إعلان الأقلية النيابية الحالية تمسكها بحكومة يكون فيها لأي أقلية الثلث المعطل، جاء الكلام عن أن من مهمات المجلس النيابي المقبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية ليثير مخاوف من واحد من السيناريوهات الآتية:

1- أن تكون المعارضة في صدد التخطيط في حال فوزها بالأكثرية في الانتخابات المقبلة، للطعن بدستورية انتخاب الرئيس ميشال سليمان من منطلق أن انتخابه تم من دون تعديل للدستور، بما يسمح بانتخاب موظف من الفئة الأولى لرئاسة الجمهورية من دون أن يكون قد استقال من وظيفته سنتين على الأقل قبل تاريخ الانتخاب.

2- أن تكون المعارضة في حال فازت بالأكثرية النيابية المقبلة تخطط لتمديد ولاية المجلس النيابي المقبل سنة إضافية على الأقل، لضمان الوصول الى الانتخابات الرئاسية عام 2014 بأكثرية تمكنها من التحكم في نتائج الانتخابات الرئاسية وإيصال رئيس الى الجمهورية من صفوفها.

3- أن تكون المعارضة في وارد افتعال ما يؤدي الى تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي وضع اللبنانيين أمام أمر واقع يفرض تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي سنة إضافية على الأقل، بحيث تؤجل الانتخابات الى يونيو (حزيران) 2010، بحيث يسمح التمديد بإقرار تخفيض سن الاقتراع الى 18 سنة على نحو يمكن حزب الله وحلفاءه من إدخال كتلة ناخبة جديدة تسمح بحسم المعركة لمصلحة الأقلية الحالية، التي يصبح بإمكانها التحكم في هوية الرئيس المقبل للجمهورية في مايو (أيار) 2014، على اعتبار أن ولاية المجلس النيابي المقبل سوف تنتهي في هذه الحالة في يونيو (حزيران) 2014، أي قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.

وبعيدا عن هذه السيناريوهات، فإن هناك من بين السياسيين من يعتبر، في ظل غياب أي توضيح أو تفسير من جانب حزب الله، أن الأمر قد لا يكون سوى مجرد رسالة استياء سياسية وإعلامية من دون مفاعيل دستورية وجهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باسم قوى 8 آذار الى الرئيس ميشال سليمان لتحذيره من المضي قدما في دعمه الموضوعي وغير المعلن للمستقلين على حساب حجم المعارضة الحالية في مجلس النواب المقبل.